خطاب الرئيس علي عبدالله صالح بمناسبة عيد الفطر المبارك22أكتوبر2006م

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين والمبعوث هدى ورحمة الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات..
الإخوة المؤمنون.. الأخوات المؤمنات.. أحييكم بتحية الإيمان والإسلام والسلام.. تحية الإخاء والمساواة والمحبة والحرية.. وأتوجه إليكم في الداخل والخارج بكل المشاعر الصادقة التي تغمر كل النفوس في هذه الأيام المشرقة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك أعاده الله على شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية باليمن والبركات والأخذ بيدها ومصيرها إلى واقع حياتي أفضل تتجاوز فيه المحن والفتن ما ظهر منها وما بطن وتتغلب، بإرادتها الواحدة ومواقفها الموحدة على كل الصعوبات والتحديات لتصل إلى المكانة العزيزة والمرموقة التي هي جديرة بها في حياة الاستخلاف وترجمة وأداء الأمانة وصدق تحمل أعباء الرسالة السامية الموكلة لخير امة أخرجت للناس.. امة الوسطية والبر والخير والتعاون والتكامل والحرية والمساواة. وهو ما يوجب استنهاض الهمم والالتزام بالفرائض التي يجب على الأمة القيام بواجباتها وهي قادرة على ذلك طالما هي متمسكة بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.. ملتزمة بمنهج العقيدة الموحدة.. والجامعة.. وبتعاليم الدين الإسلامي والسامي المتسامح.. وان تجعل من المناسبات الدينية الجليلة وما تحفل به من الدروس والعبر.. سبيلاً للتعلم ولاستعادة الثقة بالنفس.. وتعميقها بالإيمان ومبادىء الرسالة الإسلامية السمحاء. ولاشك أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات بان توجه الإنسان المؤمن في أيام العيد إلى إخوانه.. وأخواته في العقيدة لأداء ما يعتبر فريضة تحقق بها الكفاية في بث مشاعر المعايدة والمؤازرة والتكافل والتراحم والتعاطف وتبادل عبارات التهاني ومشاعر التبريكات ليست إلا صورة مصغرة مما يجب أن يكون عليه حال المجتمع المسلم في كل الظروف والأحوال.. وليبقى كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. ولتكون مثل تلكم الأعمال حلقات متماسكة في نسيج عروة الوصل الأخوية والإنسانية الوثيقة بين أبناء المجتمع الواحد ولترقى حياة المسلمين لمستوى هذه المحطة التتويجية الرائعة في النفوس كما في الحياة العامة بإذن الله..
الإخوة المؤمنون الأعزاء.. الأخوات المؤمنات العزيزات.. إننا نودع الشهر الكريم.. وندرك حقيقة المشاعر التي تغمر القلوب المؤمنة والنفوس المطمئنة لرحيل ضيف عزيز كريم.. مر سخياً وغنياً وحافلاً بالخيرات وكأنه لم يكن سوى أيام معدودات فلله الحمد والمنة.. وهنيئاً لكل من صام وصلى وزكى وتصدق وتهجد وتعبد وقام خير قيام ولكل من أسهم في أعمال البر والإحسان والتقوى وتفانى في فعل الخير.. هنيئاً لهم ما حصدوه ولكل من كانت تلك سجيتهم وصفاتهم وخصائص أعمالهم والتزامهم إلى يوم الدين.. ولاشك أن هناك ترابطاً وثيقاً بين أيام العيد المبارك وأيام الصوم الفضيلة.. فهي جسر واحد يتواصل من عمل الإنسان وإحسانه وتعبده.. وطاعته وصلاحه بميزان حسناته ذلكم الميزان الذي يسأل المزيد ليبقى زاهياً بمحتواه ومتباهياً بصاحبه بفعل وثمار الطاعات.. التي لا تنحصر عند حدود العبادات الحقيقية التي تحث الجميع بأن يجعلوا من أيام العيد انطلاقة جديدة للبذل والعطاء والجود والسخاء والبر والعمل والإنتاج في كل مجالات الحياة فالدين الإسلامي الحنيف العميق في جوهره ومحتواه غير مغلق الأبواب والدروب.. وإنما واسع بسعة معاني ودلالات الأركان الخمسة للإسلام والشعائر والتعاليم السامية.. وتمثل مكارم الأخلاق، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». فالدين الإسلامي الحنيف حياة كاملة تتجلى تفاصيلها المشرقة في الأعمال والأفعال والتصرفات كما في النيات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.. فلكل امرئ ما نوى.. والدين في جوهره العميق هو المعاملة وهو الحياة الوسطية الحرة العادلة الآمنة المستقرة والتي تتنامى ثمارها المباركة وفضائلها الكبيرة على مدار العام..
الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات.. انه لمن حسن الطالع بالنسبة لشعبنا أن الشهر الفضيل قد جاء متزامناً مع احتفالات شعبنا بأعياد الثورة اليمنية الخالدة العيد الـ44 لثورة الـ26 من سبتمبر والعيد الـ43 لثورة الـ14 من أكتوبر ومع انجاز نصر ديمقراطي كبير وهو الانتخابات الرئاسية والمحلية والتي عزز فيها شعبنا مكاسبه الوطنية التي حققها في ظل راية ثورته وأكد خياره الحضاري والمصيري في الالتزام بالديمقراطية منهاجاً لبناء حياته ولتحمل المسئوليات في كل المواقع والميادين وقال من خلالها كلمته الفاصلة والحاسمة.. نعم للتنمية والبناء..
نعم للأمن والاستقرار والوحدة الوطنية كما قال دوماً وفي مراحل مختلفة من تاريخه لا للإنفصال والفرقة والعمالة والتآمر وتمزيق الوطن ولكل من باع نفسه للشيطان وظل مأجوراً ومسلوب الإرادة تلاحقه لعنة التاريخ والشعب أينما حل.. فكان الشهر الفضيل فرصة لتقييم دلالات ومعاني ذلك النجاح الديمقراطي الكبير الذي حاز كل صفات الاستحقاق والاحترام والتقدير من الجميع والتأمل بإمعان لكل ما يفرضه علينا من مسئوليات جسيمة تجاه حاضر ومستقبل الوطن وتجاه الثقة الشعبية الغالية والإصرار على تحمل المسؤولية. ونؤكد بأننا وبأذن الله سنكون دوماً عند حسن الظن بنا وعند مستوى الثقة التي منحها لنا شعبنا من اجل مواصلة مسيرة البناء والتنمية والأمن والاستقرار والازدهار والاضطلاع بمهام المرحلة المقبلة وعلى كافة الأصعدة الداخلية أو على صعيد علاقات التعاون والشراكة مع الأشقاء والأصدقاء وفي إطار الترجمة الفعلية الصادقة والكاملة لما وعدنا وتعهدنا به في البرنامج الانتخابي الرئاسي والمحلي واثقين بان شعبنا العظيم بكل طاقاته وفئاته وبشبابه وقواه الحية والخيرة سوف يكونون معنا وعونا لنا في تحقيق كل ذلك بإذن الله ولما فيه مصلحة وطننا وتحقيق نهضته وازدهاره وندعو الجميع مجدداً في الوطن أحزاباً وأفراداً ومؤسسات مجتمع مدني وكافة الفعاليات السياسية والاجتماعية إلى فتح صفحة جديدة للتعاون والتلاحم والتسامح والتآزر والتآخي ونبذ البغضاء والكراهية والحقد والحسد فيجب أن تصفي القلوب وان يتجاوز الجميع آثار ما خلفته الحملة الانتخابية وأن يجعلوا من هذا العيد السعيد مناسبة للفرح والابتهاج والمحبة والود والصفاء وإن يصطف الجميع معاً في جبهة واحدة من اجل النهوض بالمهام المقبلة لبناء اليمن الجديد وصنع المستقبل الأفضل فالوطن ملكنا جميعاً وهو يتسع لنا جميعاً.
الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات.. إننا نؤكد هنا وفي ظل أجواء الفرح والابتهاج بقدوم العيد السعيد بان العرس الديمقراطي الكبير الذي شهده الوطن في يوم العشرين من سبتمبر الماضي هو بداية جديدة في عمق المسيرة الديمقراطية العظيمة لشعبنا وبلادنا.. وان لذلكم النجاح الساطع والرائع ثماره المباركة على كافة أصعدة البناء والتنمية والتطوير والتقدم والانتصار للمصالح العليا للشعب والوطن وعلى صعيد تعزيز الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الانسان وتجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار ومشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية والعامة والتي أتيحت أمامها وخلال الفترة الماضية كل الفرص الواسعة للمشاركة الفاعلة في مسيرة بناء الوطن وتحقيق تقدمه ونهضته من خلال تبوأها لأعلى المناصب السياسية والإدارية في الدولة ومؤسساتها المختلفة كوزيرة وسفيرة وقيادية ومشاركة في إطار الهيئات التشريعية والشوروية والسلطة المحلية ومؤسسات المجتمع المدني.. ولاننسى ذلك الدور الايجابي والملموس للمرأة خلال الانتخابات الرئاسية والمحلية وانجاحها بما تحلت به المرأة في بلادنا من الوعي والحس الوطني العالي والوفاء والحرص المسئول على الانحياز لما يحقق مصلحة الوطن وأمنه واستقراره وازدهاره ولهذا فأننا سنظل أوفياء لهذا الدور للمرأة وحريصون على تعزيزه ايماناً منا بأهمية دورها كشريكة لاخيها الرجل ومساهم فعال في مسيرة البناء والتنمية والتطور. كما أنه وخلال الفترة القادمة التي ستلي إجازة عيد الفطر المبارك سيشهد الوطن حركة دؤوبة سواء على صعيد البناء الاقتصادي والتنموي والاستثمار- ونتطلع بهذه المناسبة ان يخرج مؤتمر المانحين المقرر عقده في لندن في شهر نوفمبر القادم بالنتائج المرجوة لدعم مسيرة التنمية والديمقراطية في اليمن وتعزيز الشراكة الاقتصادية والاندماج بين بلادنا واشقائها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية- أو على صعيد إنجاز العديد من التشريعات والقوانين واتخاذ الخطوات والإجراءات التنفيذية المعززة للممارسة الديمقراطية ومنها ما يتصل بترجمة ما أعلناه خلال شهر رمضان المبارك عن انتخاب المحافظين ومدراء المديريات في الوحدات الإدارية بالجمهورية، أو جهود تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد أو على صعيد مكافحة الفقر والحد من البطالة وتوفير فرص العمل، والأخذ بأيدي الفقراء والشباب وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين عموماً. كما أننا سوف نعمل وفي إطار تنفيذ الوعود التي وعدنا بها خلال الحملة الانتخابية لمعالجة قضايا الثأر والدعوة إلى عقد مؤتمر وطني لهذا الغرض.. فالثأر ظاهرة سلبية موروثة من العهود الماضية وهي بحاجة إلى تضافر جهود الجميع وسنواصل بذل تلك الجهود التي حققت ثمارها ونتائجها الإيجابية في مجالات البناء والتنمية وترسيخ الأمن والطمأنينة ونشر الوعي والثقافة والاهتمام بالتعليم بمختلف أنواعه وتخصصاته وبخاصة في المناطق النائية والقبلية التي تشهد مثل تلك الثارات..
وباعتبار ان ذلك هو الوسيلة المُثلى لمواجهة هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية التي تعيق عملية البناء والتطور في المجتمع. وما من شك فان القبيلة في بلادنا تمثل جزءاً لايتجزأ من مكونات ونسيج مجتمعنا اليمني ووحدته الوطنية وأبناؤها كما غيرهم من أبناء الشعب كان لهم دوماً الدور الفاعل والايجابي في مسيرة الثورة والجمهورية والدفاع عنها والتضحية في سبيلها وفي مسيرة التطور الديمقراطي والتنموي والاجتماعي والثقافي وبناء المجتمع المدني الحديث. من اجل أن يواصل الوطن الغالي مسيرته بخطى واثقة ومقتدرة في ظل مناخات الأمن والاستقرار والسكينة العامة وعلى طريق التجديد والنهوض الشامل بفضل عطاءات كل الأوفياء الصادقين المخلصين وتضحيات وتفاني القوات المسلحة والأمن الحصن الحصين لكل المكاسب والمنجزات والحارس الأمين للوطن والمواطن وللديمقراطية والشرعية الدستورية وقوة الشعب ودرع التنمية والأعمار في الوطن والتي سنظل نوليها كل الاهتمام والرعاية وفاءً لما تقدمه من اجل الوطن ومن اجل النهوض بواجباتها ومسؤولياتها بكفاءة واقتدار.
ولا ننسى في هذه المناسبة الدينية الجليلة التي نعيش أفراحها وابتهاجاتها أن نتذكر بعبارات والتمجيد كل شهداء الوطن عبر كافة مراحل النضال الوطني وفي خضم الثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر والدفاع عنها وصنع الاستقلال وحماية الوحدة والشرعية الدستورية. كما نتذكر شهداء الواجب وشهداء الحرية والديمقراطية أولئك الذين كانوا اشد ما يكونون توقاً وتطلعاً للمشاركة في صنع النجاح الكبير الذي تحقق للممارسة الديمقراطية فهنيئاً لهم المنزلة العالية في الحياة والجنة.. ولكل الذين عملوا بتفان وإخلاص في أعلى مراتب الشعور بالمسئولية والتفاني من اجل الوطن. إن أرواح الشهداء الطاهرة ستبقى مشاعل مضيئة تهدي طريقنا المستقيم لتعزيز بناء اليمن الجديد.. يمن الحرية والديمقراطية والنهضة والتقدم. عيد سعيد… وكل عام وانتم بخير،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته….