لهذا.. 17 يوليو يوما مشرقا في تاريخ اليمن..

مثل 17 يوليو نقطة مفصلية في تاريخ اليمن الحديث أعلن فيه عن مرحلة جديدة انتهت فيها ويلات الاقتتال والحروب الأهلية التي اكتوى بها الجسد اليمني المثخن آنذاك بالخراب والدمار ومنغصات الدماء وروائح البارود التي لا تكاد أي منطقة يمنية إلا ودفعت ثمن تلك المرحلة القاتمة بسواد المؤامرات والتشظي والمحن، فما تلبث ان تهدأ مشكلة حتى تنفجر أخرى وما إن يستقر الوضع في منطقة حتى تظهر قرون الفتنة في مكان آخر، أنها مرحلة اجمع فيها كافة المؤرخين والسياسيين والمثقفين والكتاب ومن عايشوها أنها كانت حالكة بمشاكل وفتن متوالدة لا تنتهي وتجهز على مقدرات الوطن والمواطن حتى ألقت بشؤمها على مقعد رئاسة الجمهورية وبات هذا المقعد مفخخا بنظر الكثير ويتوجس الجميع منه خيفة ويعتبرون قيادة اليمن مجازفة غير محمودة العواقب بل أنها نذير شؤم على صاحبه، حتى تقدم علي عبدالله صالح في 17يوليو 1978م للترشح عبر مجلس الشعب، لتولد حينها اليمن من جديد وتستعيد معها وهج الثورة اليمنية 26سبتمبر و14 أكتوبر التي كادت أن تغيب في ظل ما شهده الوطن من نزاعات شمالا وجنوبا، وكانت عملية ترشح علي عبدالله صالح لمنصب رئاسة الجمهورية العربية اليمنية أول عملية ديمقراطية تشهدها اليمن وأسست لبنات الأولى للديمقراطية، ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقعون استمرار هذا الرجل في منصبه شهرا أو شهور قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، في ظل العواصف الهوجاء التي تلاطمت باليمن وكانت تقذفها من اتجاه إلى آخر، لكن علي عبدالله صالح القادم من الأسرة الريفية الفلاحة التي تربطها بالأرض علاقة وجودية، أخذ هذا التحدي على عاتقه وغامر بحياته في سبيل انتشال الوطن من متاهات العنف والضياع وإنهاء دورات العنف وحمامات الدماء، لقد غامر بشجاعة وحكمة معتمدا على نهج الحوار مع مختلف القوى والاتجاهات والمشارب ورفع شعار وصوت ” اليمن ” في ظل ضجيج الصراعات الأيدلوجية التي كانت تتجاذب باليمن، ليؤسس حينها مرحلة من الهدوء والأمن والاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي القائم على الحوار والشراكة، وهو ما يجعل من 17 يوليو يوما تاريخيا نقل اليمن إلى مرحلة مستقرة قائمة الهدوء والبناء والتأسيس لمشروع الدولة المدنية الحديثة بالتوازي مع المعالجة الهادئة والحكيمة للآثار التي خلفتها سنوات الحرب والاقتتال بين أبناء الشعب اليمني، لتنتقل اليمن إلى واحة رحبة من العمل والبناء المخلص والمثابر والذي أثمر منجزات خالدة ونقلات نوعية في المجالات السياسية والديمقراطية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات التي خلدت منجزات لا حصر لها للرئيس علي عبدالله صالح، وهي لا تقل قيمة عن القيمة الحضارية والوطنية لإعادة بناء سد مأرب التاريخي أوتحقيق الوحدة اليمنية وإرساء قواعد الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير

لهذا كانت عظمة اللحظة التاريخية في 17 يوليو هي بمقدار ما صنعته من تحولات تاريخية ومنجزات عملاقة هي اليوم مسلمات تاريخية، وقد شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء للرئيس علي عبدا لله صالح.