نص خطاب فخامة الرئيس بمناسبة عيد الفطر المبارك
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه "يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"
والصلاة والسلام على الصادق الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين..
الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات..
الإخوة المؤمنون في كل مكان..
يسعدني ونحن نستقبل عيد الفطر المبارك أن أتوجه إليكم وإلى كل أبناء أمتنا العربية والإسلامية بأزكى التهاني وأجمل التبريكات بهذه المناسبة الدينية السعيدة شاكرين الله عز وجل على كرمه وفضله وعظيم ألطافه بنا وما مَنَّ علينا باكتمال الشفاء والعافية وعلى توفيقه لنا جميعاً بأداء فريضة الصوم سائلين الله تعالى أن يجعل صومنا صوماً مقبولاً وأن يجزينا عنه بجميل الصفح والثواب وعظيم الحسنات وأن يتقبل بالرحمة والمغفرة الشهداء الذين قضوا في الاعتداء الإجرامي الغادر الذي أستهدف جامع دار الرئاسة والذين كان آخرهم شهيد الوطن الكبير الأستاذ/ عبد العزيز عبد الغني رئيس مجلس الشورى الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى بالشهادة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك الذي مثل استشهاده فاجعة مؤلمة للوطن ولنا جميعاً.
الإخوة المواطنون..
الأخوات المواطنات..
لقد مر شهرُ الصومِ حافلاً بالمعاني الروحانية الجليلة وبأجواء ملبدة بالغيوم جراءَ الأزمات المتداخلة التي تشهدها بلادنا وكانت الغلبة في الحالة التي سادت والحمد لله وبتوفيقه للمعطيات الإيجابية برغم المواقف السلبية والعدائية التي ما زال يتمترس وراءها البعض من ضعفاء النفوس وأسيري أمراض الحقد والكراهية.. الذين لم يحترموا فريضة الصوم ومشاعر الصائمين فاستمروا في غيهم وممارسة أعمال التخريب والعدوان للأسف الشديد، وكان ذلك متوقعاً من تلكم القلة النشاز الذين لم يألفوا العيش في سلام بعيداً عن المكايدات والصراعات ولم يراعوا الحرمات وارتكبوا أخطر الجرائم وأفضعها في الأشهر الحرم بما في ذلك جرائم الاعتداء على المعسكرات وعلى المنشآت المدنية وعلى الجنود والصف والضباط والمواطنين سواء في أبين وتعز أو في أرحب ونهم وغيرها، ولكنهم فشلوا في الوصول إلى مآربهم الخبيثة وإن تمكنوا من تنغيص حياة الشعب، وإقلاقه في شهر الصوم الفضيل، واستطاعت الدولة أن تتغلب على الكثير من المصاعب التي اختلقوها ومواجهة أعمال التخريب التي تفننوا في القيام بها سواء في قطع الطرق أو تعطيل الخدمات وضرب المنشآت الخدمية والاقتصادية والفضل في صد أعمال التخريب بعد الله تعالى يعود للشعب الأبي المكافح وصموده وإلى المواطنين الأوفياء والمخلصين وتعاونهم مع الأجهزة المختصة وفي المقدمة القوات المسلحة والأمن وبفضل الرجال الأوفياء الملتزمين في كافة مواقع المسئولية في السلطات المركزية والمحلية الذين ظلوا يمارسون أعمالهم ويؤدون الواجب في كل الظروف ومهما كانت التحديات والمخاطر.
الإخوة المواطنون..
الأخوات المواطنات..
إننا ونحن نستقبل أيام عيد الفطر المبارك لنتمنى أن تتحقق لشعبنا، وفي حياته العامة السياسية والاقتصادية نقلة تطورية جديدة في طريق تجاوز كل الأزمات المتفاقمة بتعاون الجميع انطلاقاً من كل ما يفرضه معنى العيد السعيد من التسامح والالتقاء والتفاهم والحوار والتصالح وإصلاح ذات البين داخل الأسرة اليمنية الواحدة.. وأن نضع جميعاً حداً لتلكم القلة المخربة والمأجورة والتي كادت بأفعالها وتصرفاتها أن تدمر بها فكرة المعارضة وتشوه صورة الحياة الديمقراطية.
إننا جميعاً يجب أن نكون يداً واحدة ضد كل من يريد أن يعطل الحياة الديمقراطية في بلادنا أو أن يفرغ الشرعية الدستورية من محتواها الحضاري أو يتجاهل دورها في تحصين الدولة اليمنية الحديثة وحماية المجتمع اليمني التعددي الجديد.
إننا قادرون جميعاً بمشيئة الله وفي أقصر وقت ممكن أن نجد العديد من المخارج الدستورية التي تعيننا على تجاوز هذه المرحلة الخطيرة من تأريخ شعبنا والتي صارت تهدد وحدتنا وحريتنا وديمقراطيتنا بإنجاح الدور الوطني المهم الذي يقوم به الأخ المناضل عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية ومواصلة الخطوات التي تم البدء بها خاصة أن هناك العديد من النقاط وعناصر الاتفاق التي تم تحقيقها.. تتطلب أن يجلس الجميع على طاولة الحوار ومواصلته من جديد بروح وطنية جديدة تأخذ العبرة من كل ما حدث، وتقطع دابر المجرمين وتفشل خطط المتآمرين على وحدة اليمن وحريته وديمقراطيته وأمنه واستقراره وأن تحقق كل ما يطمح إليه الشعب وفي مقدمته الشباب، من التطوير والتغيير واجتثاث الفساد وكل أسباب الصراع والاحتراب.
نعم أيها الإخوة والأخوات.. إن الطريق أمامنا واضحة أشد ما يكون الوضوح حين نضع الأولويات في إنجاز الخطوات القادمة انطلاقاً من احترام الدستور والامتثال لواجبات صيانة الشرعية الدستورية التي هي جوهر وجود الدولة اليمنية الحديثة لأنه بدونها لا يمكن إلا أن يأتي الضياع والتمزق والانحدار إلى هاوية الاحتضار للوطن واستشراء الحرب الأهلية فيه كما تحلم بذلك القوى الظلامية المتخلفة ويداعب أذهان الإنقلابيين الواهمين وأصحاب الفكر الضال والعقيدة السقيمة، الذين يعتقدون بأن ذلك هو طريق وصولهم إلى السلطة لا قدر الله برغم أن كل حقائق الدنيا اليوم وغداً تقول بأن لا مناص أمام كل الشعوب لتصل إلى أحلامها وطموحاتها ولتحقق الخلاص والنهوض من جديد دون التمسك بمبادئ الحرية والممارسة الديمقراطية والاحتكام لإرادة الشعب واختياراته.
إننا ندعو إلى ذلك بقوة وإرادة حاسمة بعد شهر من الصلة التعبدية الوثيقة بالله ومع يقظة الضمير الوطني وباستثمار الفضائل النفسية الإيمانية والفكرية والروحية والبدنية المكتسبة من الشهر الفضيل إلى جانب ما تعززه أيام العيد من صقل روح المحبة والأمل والتفاؤل لنسير قدماً في الاتجاه الصحيح الذي سوف يضم الجميع في بوتقة وطنية واحدة عمادها الوفاق الوطني المنشود.
نعم إننا كيمنيين ولله الحمد نمتلك المعرفة الصحيحة والدقيقة للمصلحة العليا للشعب والوطن ونتمتع بكل القدرات والطاقات التي سوف تدفعنا إلى تحقيق ذلك وتساعدنا للوصول إلى كل ما هو مطلوب وفق برنامج زمني للتنفيذ الدقيق والإنجاز العظيم وبحيث يتطابق مع المدة المحددة للإجراءات القانونية والدستورية المطلوبة ولن تكون الأزمات المتداخلة عصية أبداً عن الحلول أمام ذوي الضمائر والعقول في شعب الحكمة والإيمان وأمام الرؤية الواضحة التي تم إعلانها والتزمنا بها في مبادرات سابقة بما في ذلك المبادرة الخليجية وجهود وبيان مجلس الأمن والسير نحو إنجاز الاستحقاقات القانونية والدستورية المؤجلة في أقرب وقت ممكن والترتيب لإجراء الانتخابات العامة الحرة والمباشرة لرئيس الجمهورية الجديد، وقد فوضنا اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام بالتواصل مع قيادات أحزاب اللقاء المشترك ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وسفراء الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي لوضع الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية والتوقيع عليها دون تسويف أو تأخير، والعمل في ذات الوقت والمسار من أجل التطبيق العملي لكل ما يتم التوصل إليه في الحوار الوطني الشامل بهدف حماية المصالح العليا للشعب والوطن وإنفاذ كل طموحات التغيير والإصلاح ورص الصفوف إلى جانب القوات المسلحة والأمن من أجل مكافحة الإرهاب واستئصاله من الأرض اليمنية باعتباره من أخطر التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار والبناء والتنمية في الجمهورية اليمنية والتي بسببها يتم تدمير المنشآت الخدمية والإنمائية والاقتصادية، ويتم استهداف الحياة في العديد من المدن والمحافظات وإغلاق كل أبواب الاستثمار وقد تواصلت الأعمال الإجرامية هنا وهناك مما جعل الأضرار تتفاقم على الاقتصاد الوطني وأدى إلى اتساع قاعدة البطالة والتضخم والى تفاقم الفقر.
إن المطلوب اليوم هو المضي قدماً في شراكة وطنية جامعة لبناء المستقبل.
هذا هو ما يمكن أن يوصلنا إليه الحوار وما يفرضه علينا الإيمان الصحيح وتدفعنا إليه الحكمة اليمانية والتي يراهن عليها كل المحبين لليمن والمتطلعين إلى رجاحة عقول اليمنيين من الأشقاء والأصدقاء.
إننا نتطلع بكل الأمل والثقة والإخلاص إلى أن ينتصر الجميع للمصلحة العليا للوطن والشعب ولقيم الأخوة الوطنية الصادقة.. وواجبات ومسئوليات المواطنة الحقة ولروح المحبة في الله وفي الوطن.
الإخوة المواطنون..
الأخوات الموطنات..
إن شعب الإيمان والحكمة ودولته المعاصرة قائمة بأركانها كلها وبدستورها وقوانينها وأنظمتها على الإيمان الحق وعلى صراط الشريعة الغراء فلا يحق لأحد أيَّ كان أن يزايد علينا أو على شعبنا باسم الدين الحنيف.. فاليمنيون كلهم يعتزون ويفتخرون في حياتهم الدنيا بأنهم أول من اهتدى إلى الإيمان.. وعرف دين الرحمن.. وهم الذين دخلوا في دين الله أفواجاً وكانوا قبل ذلك أنصار النبي العظيم صلى الله عليهم وسلم وفي مقدمة قيادة فيالق الفتح الإسلامي التي نشرت وأوصلت الإسلام إلى كل أرجاء المعمورة المعروفة حين ذاك فلا يمكن لأي إنسان أن يشكك في قوة إيمان اليمنيين وتمسكهم بدينهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأن على تجار القيم والدين والمتطاولين على علماء الدين.. وعقيدة المجتمع أن يكفوا عن غيهم وغلوهم وأن يعودوا إلى جادة الطريق المستقيم فقد شوهوا صورة الإسلام النقية.. وأساءوا إلى كل الشعوب الإسلامية.. وجعلوا الإنسان العربي والمسلم في موضع التهمة أينما كان أو توجه للأسف الشديد.. وعرَّضوا الأقطار الإسلامية لمؤامرات التدخل الخارجي والغزو الاستعماري الجديد.
الإخوة المواطنون..
الأخوات المواطنات..
إن ما حفل به شهر الصوم بكل فضائله وحسناته كفيل بتنمية روح جديدة لدى الإنسان المسلم وإرادة قوية مسلحة باليقين الساطع ومتوجهة نحو فعل الخير والقيام بكل أعمال البر والتطهر من كل شرور الضغائن والأحقاد ومن أمراض الشح والبخل والسحت على حد سواء، حيث لم يكن أبداً أداء فريضة الصوم مظهراً تجميلياً لصورة المجتمعات الإسلامية، وإنما الهدف الأسمى في ذلك هو تعزيز قوة تلك المجتمعات بتعميق صلتها بالله وبتقواه أولاً وبالقيم والتعاليم الإسلامية السامية القائمة على الإخاء والمساواة والمحبة والتعاون والتكامل والتنافس على أعمال البر والتقوى وتلبية احتياجات المسلمين ونجدتهم لبعضهم البعض ليكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.!
إن الحصول على الجائزة الربانية العظيمة بأداء فريضة الصوم تتكامل عمليا وعهداً ووفاء بمواصلة تلكم العلاقة في كل ميادين العبادة والعمل والجهاد الأكبر.. وفي مقدمة ذلك جهاد النفس.. والعيش بإحساس الوحدة الإيمانية داخل المجتمع المسلم والتفاعل مع كل أحواله وظروفه والمساهمة الواجبة فرضاً وندباً في كل حقول وجبهات التغلب على كل المشكلات والتصدي لكل التحديات والمؤامرات ومخاطر البطالة والفقر والجوع والحاجة وقد قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) صدق رسول الله فبذلك لا يستطيع المسلمون أن يغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم وبالعودة إلى أخلاق مجتمع المدينة المنورة، مجتمع اللقاء والتفاهم والتحاور والتلاحم، والمؤاخاة والمحبة، والنصرة في الله، والوطن، وفي القيم السامية إيماناً، والتزاماً واحتساباً وتواضعاً، وطلباً للفلاح والنجاح وعبر السلوك اليومي الصادق والمسؤول المترجم لكل القيم الإسلامية والأخلاق الحميدة التي ترفض الحقد والغلو والكراهية، والبغي، والتعصبات، والتّزمُّت وتتصدى لكل النعرات العنصرية والفساد والظلم والعدوان.
نعم أيها الإخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات.. إن وطننا وأمتنا العربية والإسلامية في أمس ما تكون إليه الحاجة اليوم إلى العودة إلى تلكم المنابع الصافية للعقيدة الإسلامية السمحة وإلى تعاليم الدين الحنيف حتى تكون أقدر على مواجهة مشكلاتها، وما تجابهه من تحديات خطيرة قائمة أمامها حتى تتمكن من معالجة كل ما صارت تعانيه من الأمراض والعلل التي تحدثنا عنها وأشرنا إليها.. وهو ما يتطلب تأكيد الإيمان من قبل الجميع بأن الدين هو قوة حية في بناء الحياة كما أنه هو السبيل الأمثل لتحقيق معنى الاستخلاف لله، وتحقيق العدالة والمساواة وإعلاء كلمة الله.
الإخوة المواطنون الأعزاء..
الأخوات الموطنات العزيزات..
اسمحوا لي في ختام هذه الكلمة أن أتقدم بالتهاني القلبية الخالصة بهذه المناسبة الغالية لأولئك الأبطال الأشاوس من أبناء القوات المسلحة والأمن الذين يؤدون الواجب المقدس في حماية المكاسب والمنجزات وتحقيق الأمن والاستقرار والذين يؤدون مسئولياتهم في كل الأحوال والظروف وفي حمل الأمانة الصعبة ومواجهة كل عناصر الإرهاب والتخريب والخارجين على النظام والقانون والمفسدين في الأرض وأن نحيي في هذه المناسبة أيضاً وفي كل وقت كل المواطنين الشرفاء الأوفياء الذين يقفون صفاً واحداً مع القوات المسلحة والأمن في الدفاع عن كل مكتسبات الشعب والوطن وفي مقدمتها الحرية والديمقراطية والتنمية وصيانة الشرعية الدستورية وتحقيق الأمن والاستقرار وإعادة الطمأنينة إلى نفوس المواطنين في كافة محافظات الجمهورية ليسود الأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي.
سائلين المولى عز وجل أن يتغمد برحمته الواسعة كل الشهداء الأبرار وأن يحفظ بلادنا ويحمي شعبنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ومن كل مكروه إنه سميع مجيب.
وعيد مبارك.. وكل عام وأنتم بخير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،.