رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس وزراء أسبانيا العلاقات الثنائية والمستجدات الاقليمية والدولية ويزور بلدية مدريد

قام فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وفي إطار زيارته الحالية لمملكة أسبانيا بزيارة قصر بلدية مدريد.. حيث كان في استقباله عمدة مدريد البرتو رويس جياردون والمسؤولون في قصر البلدية.
وفور وصوله قام فخامة الاخ الرئيس باستعراض ثلة الشرف وفريق الخيالة الذي اصطف لتحيته في ساحة القصر، ثم قام فخامة الاخ الرئيس بالتوجه إلى البهو الزجاجي /باتيو دي كريستال/ حيث قام بمصافحة أعضاء البلدية وسجل كلمة في السجل الذهبي لقاعة /غويا/.
وحضر فخامة الاخ الرئيس بعد ذلك الحفل الذي أقيم في قاعة الجلسات العامة بمقر البلدية.. حيث ألقى عمدة بلدية مدريد البرتو رويس جياردون كلمة، رحب في بدايتها بزيارة فخامة الأخ رئيس الجمهورية والوفد المرافق له لقصر بلدية مدريد.
وقال:” إن بلدية مدريد برمتها وهي رمز وممثل لإرادة شعب عاصمة اسبانيا، لتستقبل اليوم للمرة الأولى رئيس الجمهورية اليمنية، مايشرفها بفتح فصل جديد من العلاقات بين شعبينا لإننا ولاريب أمام فصل جديد إذ يحفل كتاب تاريخ أسبانيا بفصول أخرى يعود بعضها الى ما ينوف عن ألف سنة، حيث وردت صفة اليمنيين مخطوطة”.
وأضاف:” لا غرو أن “سعيد” شاعر الأندلس كان تغنى قبل ألف سنة بإحدى نافورات قصر مدينة الزهراء التي تم تشييدها شرقي قرطبة في قصيدة توجه في مطلعها الى “أمير اليمن” الذي أشاد بعزه والنصر الذي يغذيه والدروع التي تنمي انتصاراته “.
وتابع قائلا:” ولم يكن أمير اليمن ذاك إلا صاحب خلافة قرطبة والمحارب المنصور، كما كان يدل على ذلك لقبه “المنصور” الذي كان أمر بتشييد تلك المدينة على ضفاف النهر الكبير.. ومن بين أولى الاشارات التي تحيلنا على اسم اليمن تلك التي تعود الى ما قبل /800/ عام على يد أحد ملوك قشتالة، حيث نجد في كتاب “الاحجار الكريمة” وهو مؤلف علمي مرموق كان أمر به الملك الفونش العاشر الملقب ب”السابيو” (العالم)، عدة إشارات في مناسبات مختلفة الى أرض اليمن كأصل للأحجار والمعادن التي كانت موضع البحث والدرس”.
وأردف قائلا:” ولعل من الغرابة بمكان أنه طالما تم ربط ذلك الكتاب بعصر تألق ما يسمى بالثقافات الثلاث في أسبانيا – العصر الوسيط – حيث أن كتاب “الاحجار الكريمة” رأى النور بناء على كتاب أصله باللغة الكلدانية، وكان ترجمه الى اللغة العربية حسب ملك قشتالة عالم اسمه “أبو العيس” وهو فقيه في شرائع المسلمين ” وقد أمر الملك نفسه بترجمة ذلك النص” من العربية الى اللغة القشتالية على يد يهودي كان يسكن طليطلة و”أن يساعده في تلك الترجمة غارثي بيريت” وهو راهب وله أيضا إلمام كبير بعلم الفلك “.
وقال عمدة بلدية مدريد:” لعمري إنها لشهادة اسبانية رائعة ومعبرة عن التعايش بين الديانات الثلاثة، اليهودية والمسيحية والاسلامية، حيث كان يؤذن في ذلك العهد المبكر بما أضحى في اليوم واقعا ملموسا بين ظهراني هذا المجتمع الذي يستقبل اليوم فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ويرحب به “.. مشيرا إلى أن من السمات البارزة في مدريد هو التعايش بين أناس وافدين من مختلف المشارب الجغرافية والدينية والثقافية.
ونوه إلى إن هذه الإشارة التاريخية التي أوردها لضرورية من أجل تحديد الإطار التاريخي الذي تصادف فيه الأسبان وأهل اليمن، حيث كما ذكّرنا “إيميليو كاستيلار” بذلك في مؤلفاته التاريخية عند قوله أن “الحقيقة أن نجم المسلمين طلع قبل تسعة قرون من قبل على ضفاف اليمن” لكي يصل من جهة إلى الفرات، ومعبد الآلهة القديمة في الهند فيما كان يحط من جهة أخرى على الأهرام وأنصاب نهر النيل المقدس، وعلى أطلال سيباريس وقرطاج وأبراج الأندلس وسهول بروفنزا وسواحل صقلية”.
ولفت إلى أنه على بعد بضعة أمتار من مقر بلدية مدريد يقع الموطن الذي أسسه العرب وضربوا عليه سورا في توسعهم الغربي زهاء عام 850 على عهد أمير قرطبة محمد الأول والذي أصبح لاحقا القصر الملكي الذي بسط الملوك الأسبان من داخله نفوذهم في عدة قارات.
وأستطرد قائلا:” وأخيرا وإذا تعمقنا في التقليد الخصب للاستشراق في أسبانيا فإننا سنلاحظ بدون شك أن فطاحلة من قبيل كوديرا وأسين بالاثيوس وريبيرا وإيميليو غارثيا غوميث كانوا يحملون في عصرهم لقب “علماء لغة اليمن” وفي هذا العمق التاريخي الثقافي”.
ومضى قائلا:” وبهدف تشجيع التعرف على ثقافات وحضارات أخرى وبشكل خاص الحضارة الإسلامية حرصت مدينة مدريد على تجسيد رغبتها تلك في عضويتها التأسيسية ل “البيت العربي” وهي المؤسسة التي ستحظى بشرف زيارة فخامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في أول زيارة له إلى أسبانيا.
وأردف عمدة مدريد قائلا:” إن مدينتنا تمثل اليوم حاضرة كبرى منفتحة على الخارج مضيافة لأناس وفدوا عليها من مختلف أرجاء المعمورة وقرروا في السنوات الأخيرة العمل في عاصمة أسبانيا هذه وعندما نعتبر هذه المواطنة الشمولية فإن مدريد يحدوها إيمان راسخ بالتعايش بين الشعوب والثقافات وبما يسديه التنوع للإثراء، لكن دوما انطلاقا من احترام القيم الكونية ولذلك فإن زيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لبلدية مدريد يبعث على الفخر العميق مثلما كان بمناسبة افتتاح سفارة أسبانيا في صنعاء قبل سنتين، وإمكانية إبرام عدد من الاتفاقيات بين البلدين من أجل تعزيز العلاقات الثنائية الأمر الذي سيؤدي لا محالة إلى توسيع آفاق التعاون المستقبلي “.
وحيا عمدة مدريد النجاحات التي حققتها اليمن على صعيد تجربتها الديمقراطية التعددية، مشيدا بالنجاحات المحققة أيضا على صعيد توسيع صلاحيات المجالس المحلية والتي تمثل مؤسسات حيوية لرفع مستوى الرخاء والازدهار في أي بلد.
وأهدى عمدة مدريد في ختام كلمته فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية المفتاح الذهبي للعاصمة مدريد كهدية تذكارية بمناسبة زيارته للمدينة.
وألقى فخامة الاخ الرئيس بعد ذلك كلمة عبر فيها عن سعادته بزيارة بلدية مدريد والالتقاء بعمدة مدريد واعضاء البلدية..وقال:” ان زيارتنا لبلدكم الصديق سوف تفتح آفاقاً رحبة للتعاون بين بلدينا في مجالات عديدة “.
واضاف:” لقد كانت مباحثاتنا ايجابية وناجحة مع جلالة الملك خوان كارلوس ومع رئيس الوزراء السيد /خوسية ثاباتيرو/، وتم التوقيع على اتفاقية تعاون وثلاث مذكرات تفاهم للتعاون بين البلدين تشمل مجالات الصحة والتدريب المهني والسياحة وحماية وتشجيع الاستثمار خصوصا وأن هناك فرص واعدة للاستثمار في اليمن ومنها فرص عديدة في قطاعات توليد الطاقة والنفط والغاز والمعادن والاصطياد السمكي”.
وأشار الأخ الرئيس إلى أنه لمس تفهماً وحرصا ايجابياً من رئيس الوزراء الاسباني وحكومته على تعزيز التعاون الثنائي مع اليمن واستعداد لدعم التنمية في اليمن سواء عبر التعاون الثنائي أو عبر الاتحاد الأوروبي.
وجدد فخامته الترحيب بالإستثمارات الاسبانية في اليمن.. مؤكدا أنها ستجد كل الرعاية والاهتمام والحماية.
وعبر الأخ الرئيس عن الأسف البالغ لما تعرض له السياح الأسبان في مدينة مأرب العام الماضي من هجوم غادر وجبان من قبل العناصر الإرهابية.. مؤكدا أن الأجهزة الأمنية ستظل تتعقب وتلاحق بقية الجناة الفارين بجانب عدد من العناصر الإرهابية الذين تم القاء القبض عليهم، وتستكمل التحقيقيات معهم حاليا تمهيدا لتقديمهم للعدالة.. مشددا بأن بأن عناصر الإجرام والإرهاب لن تفلت من يد العدالة.
وأشار الأخ الرئيس إلى أن هناك اتفاقية أمنية للتعاون بين البلدين يتم بحثها بين البلدين وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المجرمين.
وقال:” أؤكد من هنا من بلدية مدريد لاصدقائنا الاسبان بأن اليمن آمنة ومستقرة وما حدث للسياح الاسبان في اليمن عمل ارهابي مدان، تعرضت له اليمن مثلها مثل بقية دول العالم التي شهدت أعمال ارهابية ومنها بريطانيا وفرنسا واسبانيا وغيرها “.. مؤكدا بأن أجهزة الأمن يقظه وستظل تتعقب العناصر التي تقف وراء الأعمال الإراهابية.
وأضاف:” الإرهاب منتشر في كل بقاع العالم، وآفة تهدد الجميع وتستدعي تظافر جهود المجتمع الدولي للتصدي لها “.
وعبر الأخ الرئيس عن الشكر لعمدة مدريد ومسئولي بلدية مدريد على حفاوة الاستقبال.
حضر الحفل في مقر بلدية مدريد عدد من المسؤولين والسفراء من الدول العربية والإسلامية والوفد المرافق لفخامة الاخ رئيس الجمهورية.
* هذا وكان السيد خوسية ثاباتيرو رئيس مجلس الوزراء بمملكة أسبانيا قد استقبل مساء الثلاثاء في مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة مدريد فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والوفد المرافق له.
وجرى خلال اللقاء بحث علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين وسبل تعزيز وتطوير التعاون اليمني الاسباني في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.
كما جرى التشاور وتبادل الآراء حول المستجدات الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها التطورات الجارية في فلسطين المحتلة في ضوء العداون الاسرائيلي المتصاعد والحصار المفروض على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وكذا تطورات الاوضاع في العراق والصومال ومنطقة القرن الافريقي عموما وجهود مكافحة الارهاب.
وأكد الجانبان الحرص المشترك على تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والامنية والصحية، وفي مجال التدريب المهني والتقني والتعليم العام والعالي.
وقد جدد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية التأكيد على حرص ورغبة اليمن على تنمية وتعزيز التعاون الثنائي مع اسبانيا في كافة المجالات.. لافتا إلى أن هناك العديد من الفرص التي من شأنها توسيع مجالات التعاون وإقامة شراكة مثمرة تخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين وفي مقدمتها الفرص الاستثمارية المتاحة في اليمن في قطاعات النفط والمعادن والطاقة والثروة السمكية والزراعة وغيرها.
وجدد الأخ الرئيس دعوته للمستثمرين الأسبان للتوجه نحو اليمن.. مؤكدا أنهم سيجدون كامل الرعاية والتشجيع من الجهات الحكومية المعنية.
وعبر الأخ الرئيس عن تطلعه لدور اسباني لدعم مشاريع التنمية في اليمن سواء من خلال التعاون الثنائي أو عبر الإتحاد الأوربي وبخاصة في مجال التدريب المهني وإنشاء معاهد مهنية لمامن شأنه تأهيل الكوادر الشابة بمايلبي احتياجات التنمية وسوق العمل في اليمن والدول المجاورة ويسهم في امتصاص البطالة.
كما عبر عن التطلع إلى دور أسباني واوروبي فاعل للضغط على اسرائيل لوقف عدوانها وإنهاء حصارها الظالم على الشعب الفلسطيني والزامها بالانصياع لقرارات الشرعية الدولية والدفع قدما بالجهود المبذولة من اجل تحقيق السلام العادل في المنطقة.
وكان رئيس الوزراء الأسباني قد رحب في مستهل اللقاء بفخامة الأخ الرئيس والوفد المرافق له في أسبانيا.. مؤكدا حرص بلاده على الإرتقاء بعلاقات التعاون والصداقة القائمة مع اليمن في المجالات كافة.
وأبدى رئيس وزراء أسبانيا استعداد بلاده للإسهام بفاعلية في دعم ومساندة مسيرة التنمية في اليمن.. مبديا في هذا الصدد استعداد الحكومة الاسبانية لدعم قطاع التعليم العام والعالي والتدريب المهني، بمافي ذلك استعداها لتمويل تنفيذ عدد من مشاريع معاهد التدريب المهني في اليمن.
كما أكد رئيس الوزراء الاسباني على أهمية التعاون اليمني الاسباني في المجال الأمني ومكافحة الارهاب.. منوهاً بالجهود التي بذلتها اليمن في مجال مكافحة الارهاب وكذا ما قدمته من رعاية للمواطنين الاسبان إثر الحادث الارهابي الذي تعرض له عدد من السياح الاسبان في منطقة صرواح بمحافظة مأرب العام الماضي.
هذا وقد جرى في ختام اللقاء وبحضور فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والسيد خوسية ثاباتيرو رئيس مجلس الوزراء الأسباني التوقيع على اتفاقية تعاون وثلاث مذكرات تفاهم بين اليمن وأسبانيا.
حيث تم التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال السياحة بين البلدين، وقعها عن الجانب اليمني وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي وعن الجانب الأسباني وزير الدولة للسياحة والتجارة /بيدرو ميخيا جوميث.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم في المجال الصحي بين وزارة الصحة والسكان في الجمهورية اليمنية ووزارة الصحة والاستهلاك في المملكة الأسبانية، وقعها وزير الصحة العامة والسكان الدكتور عبد الكريم يحيى راصع،وزير الصحة والاستهلاك الاسباني الدكتور /برنات صوريا أسكومس/.. إلى جانب التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال التعليم الفني والتدريب المهني بين وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بالجمهورية اليمنية ووزارة التعليم والعلوم بالمملكة الاسبانية، وقعها من الجانب اليمني وزير التعليم والتعاون الفني والمهني الدكتور إبراهيم عمر حجري وعن الجانب الأسباني وزير التربية والعلوم /ميرسيديس كابريرا كالفو سوتيلو. وجرى التوقيع على اتفاقية للتعاون في مجال تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين وقعها من الجانب اليمني رئيس الهيئة العامة للاستثمار صلاح محمد سعيد العطار وعن الجانب الأسباني وزير الدولة للسياحة والتجارة /بيدرو ميخيا جوميث.
حضر اللقاء ومراسم التوقيع من الجانب اليمني الدكتور ابوبكر القربي وزير الخارجية والسفير عبدالرحمن كمراني القائم باعمال السفارة اليمنية لدى اسبانيا ومن الجانب الاسباني السيدة إيلي باخين وزيرة التعاون الدولي والسفير ماركوس بيجا/ سفير مملكة اسبانيا لدى اليمن.