خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد ثورة 26 سبتمبرالخالدة2001م

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
الإخوة المواطنون الأحرار.. الأخوات المواطنات أينما كنتم داخل الوطن وخارجه.. أحييكم بتحية الثورة اليمنية المباركة وانتصاراتها الخالدة ومنجزاتها المتجددة
ويسعدني غاية السعادة أن أتحدث إليكم أهنئكم بمناسبة احتفالات شعبنا بأعياد الثورة اليمنية الخالدة العيد نوفمبر39 لثورة 26 سبتمبر والعيد الـ38 لثورة 14 أكتوبر والعيد الرابع والثلاثين ليوم الثلاثين من نوفمبر يوم الاستقلال المجيد.
وفي هذه اللحظة البهيجة التي نطل فيها على رحاب عام جديد من عمر ثورتنا الخالدة.
نقف بإجلال وتقدير وعرفان وإكبار لأولئك المناضلين الأحرار والأبطال الميامين من أبناء شعبنا اليمني الصامد وقواتنا المسلحة والأمن الباسلة الذين تصدوا بإباء وطني وفداء انسيابي شجاع وبطولات لا نظير لها لأفدح الأخطار على أنفسهم وحياة أسرهم وتحملوا مسئولية مواجهة الطغيان الأمامي الكهنوتي التخلف وجبروت الاستعمار الغاشم وأشعلوا ثورة يمنية أبية.
اقتلعوا بها الحكم الأمامي المستبد وانهوا التسلط الاستعماري ورسموا بتضحياتهم ودمائهم طريقا جديدا للشعب اليمني ولحياته الحرة الكريمة الواعدة.. ليبدأ الشعب في بنائها من نقطة الصفر.
ويشيد صروحا عصرية وحياة متقدمة في كافة مجالات الحياة اليمنية.
ترجمة للأهداف الستة الشاملة التي رسمتها الثورة في فعلها التغييري الشامل وتقدمها نحو الأمام.
وتحية إكبار وتبجيل لكل شهداء الثورة والوحدة ولكل من قضوا وضحوا من أجل انتصارها والدفاع عنها من أجل أن يبقى عطاء الثورة على الدوام وتخلد أغلى مكتسباتها الشعبية وفي مقدمتها النظام الجمهوري وقيام مجتمع الحرية والكرامة والإخاء والمساواة على الأرض اليمنية وتجاوز كل مظاهر التفرقة والتمزق والعصبيات الطائفية والعنصرية والمناطقية والاستغلال والظلم إلى غير رجعة.
الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات:
أن احتفالنا بهذا العيد المجيد وبكل أعياد الثورة اليمنية في كل عام هو احتفال يمثل الإرادة الحرة الملتزمة بخيار الثورة قدرا وإنجازا تاريخيا عملاقا ومبادئ وطنية وقومية واضحة ومشرقة بالوفاء إيمانا وخلقا ملتزما لكل حر ثائر أبي والتزاما بكل ما يمكن المسئولية الوطنية تجاه ما يمثل وجودا حرا كريما وفاعلا لكل الشعب وكل الوطن وان أعظم صور التعبير عن ذلك يتجلى في مواقع العمل والعطاء والبذل والتضحية لتظل ديمومة الثورة قوة فعل وإنجاز وإبداع في كافة الحقوق والميادين والانتصار على كافة المعوقات.. وهو ما يتجلى في حقائق ماثلة في حياة شعبنا عبر المراحل المتعددة لتطوير مسيرة الثورة المباركة سواء في بناء الدولة وإقامة مؤسساتها الجديدة أو في معارك الدفاع عن الجمهورية وترسيخها.. وفي التغير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتنموي والذي أحدث تطورات وتحولات لا يستهان بها.. حيث انتقل بحياة شعبنا من وهده التخلف إلى خضم معركة البناء الشامل والنهوض الحضاري المعاصر.. مما يؤكد عمليا وبالشواهد الملموسة في الحياة اليمنية بأن الثورة لم تكن ثورة بيانات أو رغبات خاصة أو إملاء لنزعات نحو التسلط والهيمنة على السلطة وانما هي ثورة شعبية عارمة نابعة من عمق الصحوة الوطنية في ضمير الشعب وتمرد على كل أغلال الظلم والظلام وقيود القهر والتسلط والتخلف وبفضل الثورة سطعت شمس الحرية على الأرض اليمنية وانتصر الشعب اليمني لقيمه ومبادئه وعقيدته الإسلامية وماضيه الحضاري التليد واستعاد ذاته ومكونات اقتداره وهو يتصدى للبناء ويتحمل مسئوليته بعزيمة وثقة بالنفس وبحاضر ومستقبل الوطن.
ان سفر الثورة والانتصار لها حافل بالمآثر والنضال والبطولات والمواقف الشجاعة التي قدمها المناضلون الأحرار عبر مسيره النضال الوطني.
ولهذا فإننا ندعو كل من شارك في صنع هذا الحدث العظيم وساهم بدور بارز فيه إلى تسجيل شهادته للتاريخ بتجرد وصدق وموضوعية وبعيدا عن الزيف أو التهويل أو ادعاء المواقف والبطولات في غير محلها وحتى يتسنى للمؤرخين كتابة تاريخ الثورة اليمنية بإنصاف ومنهجية علمية سليمة تتيح للأجيال اليمنية الصاعدة معرفة تاريخ ثورتهم ونضال آبائهم وتضحياتهم ومدى التحولات العميقة التي أحدثتها الثورة في حياة الشعب والانتقال به من حياة البؤس والحرمان والقهر إلى آفاق رحبة من الحرية والتقدم والنهضة.

الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات..

إننا ونحن ننظر إلى حصيلة ما تحقق من إنجازات ومكاسب الثورة اليمنية الخالدة وفي إطار ترجمة أهدافها السامية.
فإننا نشعر بالرضى والاطمئنان لكل ما تحقق رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها والعراقيل والكوابح التي كانت تقف حجر عثرة أمام مسيرة التقدم وعجلة البناء.
وها نحن وفي إطار احتفالات شعبنا بهذا العيد سوف ندشن ونضع حجر الأساس لأكثر من 737 مشروعا بتكلفة إجمالية تبلغ أكثر من 3 مليار ريال.
وإذا كانت بلادنا اليوم تعيش وضعا إيجابيا واعدا بالكثير من الإنجازات والتحولات الاستراتيجية والتنموية الكبيرة ونهضة يمنية رائدة تتحقق بفضل الوحدة والحرية والديموقراطية ورسوخ قواعد وأركان الشرعية الدستورية وإكمال بناء مؤسسات وسلطات الدولة الدستورية بما فيها السلطة المحلية.
فإن ذلك لاشك يترسخ ويتعمق كل يوم بفضل الأمن والاستقرار وبذل وعطاء الإنسان اليمني الذي امتلك بفضل الثورة المباركة كامل أرادته الحرة أتيحت له كل إمكانيات التفاعل الخلاق مع العصر وتحمل مسئولية الوطن بكل شجاعة وعزيمة لتحقيق كل تطلعاته وآماله متوجا نضاله بذلك الإنجاز التاريخي العظيم الذي حقق اكتمال أهداف الثورة اليمنية في الـ22 من مايو عام 90م باستعادة الوطن لوحدته وقيام الجمهورية اليمنية مقرونة بالديموقراطية التعددية.
حيث صار الشعب وعلى امتداد ساحة الوطن اكثر قدرة على مواجهة وتحمل المسئوليات الجسيمة والتصدي للتحديات الخطيرة وترجمة طموحاته وتطلعاته على درب البناء والتقدم في مختلف المجالات السياسية والتنموية والاجتماعية والثقافية والأمنية والعسكرية جنبا إلى جنب مع تطورات بناء العلاقات الخارجية برؤية وطنية واضحة للمصالح العليا للشعب اليمني وأمته العربية والإسلامية.
الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات:
إن بناء الإنسان والارتقاء بمداركه وحياته في وطننا ظل يمثل الغاية النبيلة التي استهدفت الثورة اليمنية تحقيقها باعتبار إن الإنسان هو هدف ووسيلة البناء والتقدم وهو الثروة العظيمة التي يعتز بها شعبنا ويفاخر بها وان التطور الكبير الذي شهده حقل التعليم في بلادنا وبخاصة منذ 23 عاماً ينعكس في تلك الطفرة الكبيرة التي تم تحقيقها في مجال التعليم سواء على صعيد التعليم الأساسي أو الثانوي أو في مجال التعليم المهني والفني أو التعليم الجامعي وتعليم المرأة ومكافحة الأمية.
حيث كانت تصل نسبة الأمية عشية الثورة بين الذكور حوالي 9% لتصبح في هذا العام 30% وفي صفوف الإناث كانت تصل النسبة حوالي 99% لتصلح حوالي 38% حاليا وقد تم بناء وتشييد آلاف المدارس والمعاهد في كافة مراحل ومستويات التعليم العام والتخصصي وصولا إلى المعاهد والكليات المتخصصة والجامعات الحكومية والخاصة وقد خصصت 3 حقائب وزارية في الحكومة لمجالات التعليم المختلفة وهي شهادة حية على مدى الاهتمام بالتعليم وعظمة عطاء الثورة اليمنية من أجل الإنسان في هذا الوطن الغالي وإن الملايين من الطلاب بنين وبنات الذين ينخرطون في كافة مراحل التعليم والذين يوفدون للدراسات الجامعية والعليا في خارج الوطن في مختلف الجامعات في الدول الشقيقة والصديقة هم أيضا عنوان لقوة عطاء الثورة المعطاءة خلال مراحلها الماضية.. وإنها لمناسبة نؤكد فيها على أهمية رسم استراتيجية شاملة للتعليم تستوعب كافة المتغيرات واحتياجات التنمية مع إعطاء الأولوية في الاهتمام للتعليم الفني والمهني وكليات المجتمع وبما يحقق كافة الأهداف التعليمية والتربوية المنشودة.
كما انه وفي نفس الاتجاه يمكن النظر للتطور الهائل الذي أحدثته الثورة في كافة القطاعات الخدمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وفي عنايتها ورعايتها للقطاع الخاص وتوسع دوره التنموي التدريجي في كافة مجالات بناء الحياة الجديدة.. الأمر الذي لم يتحقق إلا بتضافر كل الجهود الوطنية وعطاءات كل المخلصين من أبناء الوطن.
وان الاستراتيجية التنموية التي تتضمنها الخطة الخمسية الثانية للجمهورية اليمنية الجاري إعدادها تقوم على أساس الاستفادة العميقة من كل الإيجابيات الماثلة في الحياة العملية وتلافي كل السلبيات التي حالت دون بلوغ أقصى الغايات التنموية وبخاصة التنمية البشرية.
ويبقى هدف بناء الإنسان المسلح بالعلم وبأحدث ما أنتجه العصر من معارف وعلوم وتقنيات وامتلاكه لكل أنواع قدرات العطاء هو من أغلى وأهم مفاتيح انتصار الثورة في حاضرها ومستقبلها الثورة التي أعطت وستظل تعطي انسانها الجديد كل ما يمكنه من التفاعل مع تحديات العصر الذي نعيش فيه والآخذ بكل أسباب التطور والتقدم المتدرج في كافة مجالات الحياة.
ولذلك فإن التخطيط الصحيح الذي ينبغي أن تعتمد الدولة والحكومة لابد أن يقوم على استراتيجيات واضحة لتنمية الموارد الوطنية واكتشافات خيراتها والاستثمار والتوظيف.
كل تلك الموارد والخيرات وفي مقدمتها الثروة النفطية والمعدنية لإنجاز المشاريع الاستراتيجية المحققة لاستكمال البنية الأساسية للبلاد وفي كل المحافظات والهادفة لمعالجة المشكلات وضمانة تنامي كل الموارد والحيلولة دون استنزافها على الأجيال اللاحقة.. والاهتمام بالمنطقة الحرة بعدن ودراسة إقامة المناطق الحرة الجديدة حسب الظروف والاحتياجات التي تتطلبها الرؤية الدقيقة والنظرة بعيدة المدى لمستقبل الوطن اليمني.
ولابد من مضاعفة الإنجازات المتميزة والإستراتيجية في كافة مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتعطي ثمارها أولا بأول وتوسع نطاق الصناعات القائمة وتشجيع الاستثمار وتذليل الصعوبات أمام الرأسمال الوطني والعربي والأجنبي لإقامة استثمارات جديدة وتوظيفها في العديد من محافظات الجمهورية وحيث تتوفر المقومات لذلك وبما يدفع بحركة التطور والنمو في المجتمع لمضاعفة عطائه ومساندة الدولة ومؤسساتها في اتجاه تطوير كل أوجه الوظائف الأساسية المناطة بها مع إتاحة المجال أمام القطاع الخاص والتعاوني لممارسة أنشطته في إطار توجهات حرية السوق.
وبما يكفل ويضمن تحقيق التقدم الاجتماعي والازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية على حد سواء وبمعيار توازن التكافل وحتمية التكامل وبحيث يكون للقطاع الخاص وللمبادرات الخاصة والاستثمارات الوطنية والأجنبية الريادة في اقتحام الحقول الإنتاجية الجديدة
أيها الإخوة المواطنون الأحرار..
أنها لمناسبة هامة نؤكد فيها هنا حرصنا والتزامنا العميق والذي لا يمكن أن يتزعزع بخيار الديموقراطية وتطوير وتعميق ممارستها كسبيل رشيد ومنهاج لتجسيد مبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه باعتبار ذلك أغلى ما منحته الثورة اليمنية المظفرة للشعب الذي فجرها وحماها ونماها وعمل على استمرارية عطائها.
ويتطلب ذلك في أدق ما نعنيه الالتزام بكل قيم الحرية التي هي حق ومسئولية المشاركة في كل المواقع والمراحل التي يتحمل فيها الإنسان المسئولية في السلطة أو خارجها في حقول وتكوينات المجتمع أو في الأجهزة الرسمية والسلطة أو في المعارضة والأحزاب والتنظيمات السياسية المؤسسات غير الحكومية في مسئوليات الفرد تجاه نفسه وعلاقاته بالمجتمع.
ونؤكد في هذا الصدد أنه لا يمكن أن تجعلنا بعض الممارسات السلبية أو الخاطئة من قبل بعض الذين لم يفهموا حقيقة الديموقراطية التعددية وقواعدها وأساليب ممارستها أن نيأس في الدفع بالديموقراطية في بلادنا لبلوغ غاياتها الكبرى وان نعمل جاهدين دائما على توفير المتطلبات الأساسية لتطويرها.. مؤمنين بأن المعارضة القوية والمسئولة هي قوة خير وعطاء في جوهر تكوينها ومشروعيتها داخل بنية الدولة الديموقراطية وأنها تكفل التدافع لمصلحة الجميع في الدولة والمجتمع على حد سواء فالمعارضة هي رديف السلطة.
وما من شك فإن الانحراف والتجاوزات على الديموقراطية تأتي عندما تغلب المصالح الأنانية والرؤى الضيقة والمنغلقة.. ولهذا نطلع أن تتحمل كل الأحزاب والتنظيمات السياسية وقوى المعارضة ومسئولياتها الكاملة في تعزيز الممارسة الديموقراطية والحرص عليها في كل الأحوال داخل صفوفها وفي تعاملها مع الآخرين ولدى تصديها للمهمات الوطنية الكبيرة.. وان تكون عونا في إشاعة جو الاحترام للرأي والرأي الأخر ولبعضها البعض وإيقاد روح التنافس الشريف من أجل المصلحة العامة فالوطن فوق الأحزاب وفوق الجميع ومصالحه فوق كل اعتبار.
وان يدرك الجميع بأن الديموقراطية التعددية التي جاءت تحصينا لدولة الوحدة ولتعالج كل الأدواء السياسية التي كانت معشعشة في ظل التسلط الحزبي والشمولي والفراغ والغموض السياسي التنظيمي لتخلق قوة وفاعلية متنامية للمجتمع اليمني الواحد ذي النبض السياسي المتعدد.
ولذلك فإننا سوف نبقى ملتزمين بالديموقراطية وسيظل الحوار الديموقراطي المتاح دائما في رحاب الحرية هو الكفيل بخلق وترسيخ جسور التفاعل للوصول إلى تحقيق إرادة سياسية متقاربة تجمع الجهود وتحشد القدرات وتسوقها في الطريق الصحيح لتحمل المسئولية الوطنية كما تمليها حقيقة التعددية الحزبية والسياسية كما يفرضها الالتزام بمبدأ التداول السلمي للسلطة واحترام إرادة الشعب المتجسدة عبر صناديق الاقتراح.
نعم أيها الاخوة المواطنون الكرام..
ان الديموقراطية في تجربة الشعوب والأمم الناهضة تأكدت تاريخيا وعمليا كمنهاج قبول مثمر ومتميز لإدارة دفة الحياة وقيادة مسئولياتها في مختلف مناحيها وفي بالنسبة لنا على قصر عمر هذه التجربة الناشئة تؤكد جدواها وضرورتها وأهميتها الجوهرية وقد ترسخت وصارت قوية الجذور واضحة المعالم والأهداف زاخرة العطاء والثمار في حكم الشعب نفسه بنفسه وفي ترجمة قيم المشاركة السياسية والشعبية وتوسيع قاعدتها في كافة مجالات بناء الحياة وأعمارها وتحقيق رخائها وازدهارها.
ولاشك بأن قيام السلطات المحلية في الوطن والتطبيق العلمي لقانونها كما تحقق في إنجاز انتخابات المجالس المحلية بصورة إيجابية مشرقة هي دليل عملي آخر يضاف لجدية سعي الثورة اليمنية في توسيع نطاق المشاركة في صنع القرار الوطني وتحصين المجتمع اليمني بأهم أدوات التطور والبناء في الوحدات الإدارية بداية من القاعدة العريضة والواسعة في قيادة الوحدات الإدارية وصولا لقيادة المحافظات كفرع ثالث من فروع السلطة التنفيذية في الوحدات الإدارية على امتداد الجمهورية اليمنية وأن الالتزام بمبدأ اللامركزية المالية والإدارية طريق واضح وصحيح لتجاوز السلبيات التي أنتجتها مكونات وقنوات تركيز السلطة واحتكار الصلاحيات في كل مجالات العمل التنفيذي الحكومي وغير الحكومي وهو ما نتطلع بكل الثقة والأمل في أن تقدم فيه بلادنا تجربة إيجابية ورائدة في هذا المجال الحيوي الذي يتصل بتوسيع المشاركة الشعبية في تحمل مسئوليات السلطة داخل الدولة باعتبار المجالس المحلية جزء لا يتجزأ من سلطات الدولة الدستورية وتكريسها في خدمة غايات البناء في المجتمع.
ان التجربة الديموقراطية في بلادنا تمثل حقل اختبار جديد للقوى المنتخبة من قبل المواطن على مستوى الوحدات الإدارية والمحافظات في كل الجمهورية اليمنية لتحمل مسئولياتها بكل الثقة والشجاعة والوفاء لأمانة المسئولية التي صار يتحملها كل من فازوا في الانتخابات الحرة والمباشرة ليحققوا فوزا مطلوبا في المحك العملي لممارسة السلطة وأداء المهام والواجبات وليكونوا عند حسن ظن ناخبيهم وثقتهم وتترابط بذلك كل الطموحات والغايات المرسومة للإصلاح القضائي وكفالة العدل داخل المجتمع في المحاكم بمختلف درجاتها وتطوير إجراءات التقاضي وإقامة النيابات والمحاكم الخاصة للقضايا التي يتطلبها ذلك وأيضا بالنسبة لنيابة الأموال العامة من أجل ترسيخ دولة النظام والقانون وسيادة واستقلالية السلطة القضائية لتظل بمنأى عن كل أشكال التدخل والمساس من السلطات الأخرى.
ونؤكد بأن القرارات التي تم اتخاذها في مجلس القضاء الأعلى والحركة القضائية التي تمت هي جزء من خطة إصلاحية شاملة لإصلاح القضاء وتطويره وتطهيره من كل المسيئين والمخلين لواجباتهم في السلطة القضائية.
إلى جانب الاهتمام بإعداد وتأهيل القضاة القادرين على تحمل المسئولية الجسيمة التي تناط بمن يتصدى للعمل القضائي باعتباره من أخطر الأعمال وأقدس الواجبات الوطنية والدينية لارتباطها بإحقاق الحق وتحقيق العدل والقيام بأهم الوظائف الاستراتيجية للدولة التي تقوم على العدل كأساس للحكم.
ولذلك لابد أن تتقوى وتترسخ السلطة القضائية في بلادنا ضمن سلطات ومؤسسات الدولة الدستورية والقانونية كسلطة مستقلة وفاعلة.. قادرة على صون الحقوق والممتلكات العامة والخاصة وحماية الحريات والأعراض وردع المجرمين والخارجين عن النظام والقانون ومواجهة كل ما تبقى من الظواهر السلبية المعيقة للبناء الوطني أو المسيئة لسمعة الوطن والضارة بمصالح الشعب وطموحات التنمية والبناء وخاصة ما يتعلق بإنهاء واقتلاع الظواهر الدخيلة على المجتمع اليمني.
إذ لابد لكل مؤسسات الدولة والمجتمع اليمني كله وفي المقدمة قواه الاجتماعية والسياسية من تحمل مسئولياتها إلى جانب السلطة القضائية في التصدي لكافة الجرائم بكل القوة والحسم والحزم..
الإخوة المواطنون الأعزاء يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية
ان ما يبعث الأسى في النفس ويخلق الحزن والآلام ما يعانيه الشعب العربي الفلسطيني من الأراضي الفلسطينية المحتلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي وآلتها الحربية المدججة بأحدث وأفتك أنواع أسلحة الموت والدمار ومن المؤسف أن ممارسة ذلك الصلف والغطرسة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وبشكل مستمر أمام مسمع ومرأى العالم كله في ظل صمت لا تبرير له من قبل المجتمع الدولي ومؤسسات الشرعية الدولية التي تضرب إسرائيل بكل قراراتها ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي عرض الحائط وترفض الانصياع لها في تحد سافر للإرادة الدولية وجهود تحقيق السلام وما من شك فإن الكيان الإسرائيلي المحتل يرفض السلام ويؤمن بمنطق القوة والعنف والحرب ولهذا فعلى امتنا العربية والإسلامية أن تكون عند مستوى مسئوليتها التاريخية القومية والدينية للوقوف إلى جانب الأشقاء في فلسطين المحتلة ومناصره انتفاضة الأقصى المبارك وتقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي من أجل أن يحقق النضال الفلسطيني المشروع غاياته المنشودة في استرداد الشعب الفلسطيني لحقوقه المغتصبة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف فما يجري على أرض فلسطين أمر لا يعني الشعب الفلسطيني وحده بل ويعني كل عربي ومسلم وكل ذي ضمير حي في هذا العالم وندعوا بهذه المناسبة إلى ضرورة التوسع في تشكيل لجان التبرعات الرسمية والشعبية في كافة البلدان العربية والإسلامية لجمع الأموال وكافة أشكال العون المادي للانتفاضه وهو واجب قومي وديني وإنساني على كل أبناء الأمة العربية والإسلامية أينما كانوا مجددين مطالبتنا المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل الفوري الفعال لإيقاف العدوان وحرب الإبادة وانتهاك الحقوق الإنسانية التي يمارسها الكيان الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بعيدا عن سياسية الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة التي تفتقد للعدل والإنصاف.
الأخوة.. الأخوات:
لقد عانت بلادنا كثيرا وما تزال من الإرهاب وكانت ضحية له في كثير من الأحيان عبر ما تعرضت له من أعمال إرهابية أساءت لبلادنا وألحقت أضرارا كبيرة بمصالحها سواء في ما حدث للسياح الأجانب في محافظة ابين أو في ما كان يخطط لتنفيذه في محافظة عدن من قبل تلك العناصر الإرهابية التي تمكنت أجهزتنا الأمنية من إلقاء القبض عليها وإحالتها إلى العدالة وما تعرضت له المدمرة الأمريكية كول أثناء رسوها في ميناء عدن في شهر أكتوبر الماضي أو أعمال الاختطاف للأجانب والأعمال التخريبية الأخرى التي استهدفت الأضرار ببلادنا والإساءة لعلاقاتها مع الآخرين.
وإننا إذ نعبر مجددا عن أدانتنا الشديدة لكافة أعمال الإرهاب ومنها ما تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية في الـ11من شهر سبتمبر الجاري فإننا نؤكد على ضرورة أن تتضافر الجهود وفي إطار مؤسسات الشرعية الدولية من أجل محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأيا كان مصدره.
فالإرهاب ظاهرة عالمية تطال بشرورها الجميع ويذهب ضحيتها الأبرياء من الناس وهي تتنافى مع كل القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية والإنسانية والحضارية وتهدد الأمن والسلام الدوليين.. مؤكدين على أهمية تعزيز سبل الحوار الإيجابي بين الحضارات الإنسانية وبما من شأنه نبذ الكره والبغضاء والعنصرية وتكريس فهم إنساني مشترك والاحترام المتبادل بين الأديان والأجناس وان يتحدد مفهوم واضح للإرهاب يميز بينه وبين النضال المشروع للشعوب من اجل نيل الحرية والاستقلال ومقاومة المحتل الأجنبي الذي كفله ميثاق الأمم المتحدة.. وانطلاقا من ما تشهده المنطقة والعالم من تطورات متسارعة وخطيرة سواء تلك المتصلة بالأوضاع والتطورات الجارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتواصل عمليات الإرهاب والعدوان الإسرائيلي أو تلك المتصلة بتطورات الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية ولأهمية بلورة موقف عربي موحد إزاءها جميعا.. فإننا في الجمهورية اليمنية نؤكد على ضرورة التشاور بين الأشقاء حول إمكانية عقد قمة عربية طارئة في مقر جامعة الدول العربية للوقوف أمام تلك التطورات وبما يكفل الخروج برؤية عربية موحدة إزاء قضايا الإرهاب وسبل مواجهته على أن يتولى اجتماع تمهيدي لوزراء الخارجية العرب مناقشة التحضير لتلك القمة وجدول أعمالها وبما يخدم المصالح والأهداف القومية العليا لامتنا.
..
الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات..

ان الوفاء بالتزاماتنا القومية قولا وعملا يتطلب منا اكثر من أي وقت مضى تأكيد تضامن شعبنا مع الشعب العراقي الشقيق الذي ما زال يعاني الويلات جراء الحصار الجائر المفروض عليه من أكثر من عشر سنوات والذي تجاوز مداه وأفتقر من أي مبرر من أجل استمراره ونطالب مجلس الأمن والمجتمع الدولي وكافة الأقطار العربية والإسلامية الشقيقة بالعمل على سرعة رفع الحصار عن الشعب العراقي الشقيق وأتاحه المجال للقطرين الشقيقين الكويت والعراق بمعالجه الحالة بينهما بروح الأخوة العربية والاحتكام لقيم الجوار الحميم والامتثال لواجباته والسمو فوق كل الجراحات والإيمان بأن كل الخلافات داخل الأسرة الواحدة قابلة للمعالجة الحكيمة ولتجاوزها لواقع افضل لمصلحة البلدين وشعبيهما الشقيقين ولمصلحة الأمة العربية والإسلامية جمعا حاضرا ومستقبلا وليكون ما جرى عبرة قومية وزلة تاريخية لا يجوز أن تتكرر بين الأشقاء والجيران في كل الأحوال والأزمان.. كما نتطلع من أشقائنا في الصومال إلى أن يحكموا عقولهم وان يعملوا على حل خلافاتهم باللجوء للحوار السلمي البناء لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام لان ذلك مفتاح نجاه الجميع وعودة المياه إلى مجاريها الطبيعية في الصومال الشقيق وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
كما نؤكد تضامننا مع أشقائنا في السودان ودعمنا وتأييدنا لكافة الجهود والمبادرات التي يقبلون بها ويتعاونون لإنجاحها وبما من شانه الحفاظ على وحدة السودان وترسيخ الأمن والاستقرار في كافة ربوعه الواعدة بالخير.
..
الإخوة المواطنون الأعزاء:
ان التجربة الوطنية في البناء والتنمية في كل قطر عربي هي ملك كل العرب وان كان أثرها يبدو فعليا على ذلك القطر أو الآخر.. ولكن المطلوب اليوم هو التعجيل ببناء تجربة اقتصادية تنموية عربية واحدة ومتشابكة تقوم على حلقات وجسور متواصلة من الأسواق المشتركة ومشاريع الإنتاج المشترك الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها لتعطي آثارها وثمارها على نطاق الوطن العربي كله ويتطلب ذلك في المقام الأول إيجاد أساس قوي من الثقة المتبادلة تكون قاعدة قوية لبناء السياج الأمني القومي الواحد يكون فيه وبه كل قطر عربي درعا واقيا للأخر من كل المخاطر وبما يحقق الوفاء بأهم المطالب الأمنية كغاية جوهرية لتحقيق الأمن لأمتنا العربية مطالبة بان تكون في وضع متلائم مع كافة جوانب الاستعداد والمبادرة والاستجابة للتحدي الذي تفرضه غايات النظام العالمي الجديد وان ترتقي إلى مستوى الحالة الحضارية الإنسانية الراهنة.. بأن تكون متضامنه مع نفسها وغاياتها القومية المصيرية.. وقوة فاعلة في تشكيل مسارها الواضح والمحصن نحو العولمة والمشاركة في إنتاج حقائقها وعضوا فاعلا ومؤثرا فيها وبما يحمي وجودها وثرواتها ويصون مصالحها وأمنها.
ان امتنا العربية تمتلك كل المقومات الروحية والقيمية والمادية والثروة البشرية بما يؤهلها اليوم أو غدا مع امتلاك ناصية الثورة العلمية والمعلوماتية والتي صار يستحيل حجبها عن الشعوب الحضارية المتطلعة في تعزيز وجودها المؤثر وتفاعلها المثمر مع الآخرين والعصر.
أيها الإخوة المواطنون الأعزاء..
يا أبناء قوتنا المسلحة والأمن البواسل أن شعبنا اليمني يعتز ويفخر على الدوام بقواته المسلحة والأمن ويشعر بالارتياح والاطمئنان للأدوار التاريخية الهامة والرائدة التي اضطلعت بها ممثلة في الطلائع الوطنية الحرة من قادتها الأبرار الذين تحملوا المسئولية الجسيمة والغالية عشية الثورة السبتمبرية الخالدة وفي معارك الدفاع عنها وفي تفجير ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة وإحراز نصر الاستقلال وجعل مؤسسة القوات المسلحة والأمن مؤسسة وطنية رائدة ترسخ وجودها اليوم كقوة ضاربة بيد الشعب تحمي مكتسباته ومنجزاته وتدافع عن حريته وديموقراطيته ووحدته وتصون سيادة وحرمة أراضيه وتشارك بفعالية مشهودة في عملية البناء والتنمية انسجاما والتزاما بعقيدتها الدفاعية ووظيفتها الأمنية والتنموية.. ولا شك في ضوء ذلك انه صار للقوات المسلحة والأمن اليوم في وطن الثورة والوحدة والديموقراطية والحرية مهام جديدة باعتبارها حزب الشعب اليمني كله.. ذلك أن الاستراتيجية الدفاعية والتنموية لبلادنا قد أملت سياسة جديدة أكثر عمقا وواقعية بالنسبة لكافة جوانب البناء النوعي المتطور والإعداد والتأهيل المتميز والرفيع المستوى لمنتسبيها إضافة إلى أخذ كافة كلياتها ومدارسها ومنشآتها التعليمية بأحدث المعارف والعلوم العسكرية وتجهيزها بأحدث المعدات والأسلحة والتقنيات العسكرية الدفاعية ومدها بالخبرات النوعية المتميزة التي تأهلها باستمرار للمشاركة في القيام بتنفيذ المشاريع التنموية النوعية والاستراتيجية على حد سواء.. وكل ذلك ليبقى عطاء هذه المؤسسة الوطنية الرائدة متميزا أو مهيأ للتعامل مع كل الظروف والتحديات وهو الأمر الذي تستحق معه على الدوام التقدم لها ولكل منتسبيها من القادة والضباط والصف والجنود بآيات الشكر والامتنان وبواجب الإشادة بأدوارهم وعطاءاتهم المستمرة في خدمة الوطن وصون سيادته والحفاظ على منجزات الثورة اليمنية وصون مكتسباتها الشعبية الغالية.
.. أيها الإخوة المواطنون الأحرار.. الأخوات المواطنات:
إننا ونحن نحتفل بأعياد الثورة اليمنية الخالدة ونسترجع أهم المنجزات التاريخية التي حققتها لا نقوم بممارسة أي نوع من التقويم لها أو لحجب ما تحقق.. ولكننا نحرص على إمعان النظر للمزيد من التعلم والاستفادة من الإيجابيات المشرقة والدروس العظيمة التي جسدتها أنصع صور التضحية والفداء وأخلد آيات البطولة والشجاعة لكي نتمسك بها وان يعمل الجميع بأن تضل حيه في كل النفوس والضمائر فاعلة في تحريك القدرات والطاقات لدى الإنسان اليمني الجديد ممثلا في الشباب الصاعد الذين هم ذخر الوطن المتجدد وكل قوة الحاضر.. وقادة المستقبل الواعد.. مدركين أن من أهم العوامل التي ساعدت على انتصار الثورة وكفلت ديمومتها وان الشعب بكل قواه وفصائله الوطنية تحمل مسئوليه الدفاع عنها والجهاد من أجل تحقيق كامل أهدافها.. وان الروح الوطنية العالية الممتزجة بالروح القومية الوثابة والوفاء بالتزامات الوطن اليمني قوميا وإنسانيا هي التي جعلت من الثورة اليوم مشكاة مضيئة في الحياة العربية.. لذلك كله فإن إنجازات التحولات العظيمة والانتصارات الكبيرة والعملاقة التي تؤدي إلى وثبات الرقي الحضاري والتغيير الحاسم والجذري في حياة الأمم والشعوب إنما ينبع من عمق وجدانها الأصيل وفيض إرادتها الوطنية الحرة الواعية ومن صنع العقول المستنيرة والأيادي المقتدرة والقرارات الحكيمة والحاسمة التي لا تقبل التراجع أو النكوص.
وان الثورة اليمنية الخالدة ما كان لها أن تحقق نتائجها العميقة وإنجازاتها الوطنية العملاقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتنتقل بشعبنا من عهد الظلام والتخلف والاستبداد والاستعمار إلى عهود الحرية والتقدم لولا التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا السخي المقدام وقواته المسلحة والأمن الباسلة في معركة الوجود والبقاء والإخاء وهي معركة حضارية مستمرة من أجل خير دائم للوطن اليمني الواحد ومن أجل الارتقاء بمستوى حياة الشعب اليمني كله إلى أعلى مراتب التقدم الاجتماعي والازدهار الاقتصادي والرقي الحضاري بإذن الله سدد الله خطي الجميع على هذا الدرب الوضاء ولهذا المسعى المجيد وتكفل بعنايته ورعايته الثورة والجمهورية والوحدة والديموقراطية وحمى البلاد والعباد وألهمنا سبل الفوز والرشاد.. المجد والخلود لشهداء الثورة اليمنية الخالدة وشهداء مصر العربية الذين رووا بدمائهم أرض اليمن الطاهرة دفاعا عن الثورة الجمهورية سائلين الله أن يتغمدهم جميعا بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته إلى جوار الأنبياء والصديقين.
انه سميع مجيب..
كل عام وأنتم بخير