كلمة رئيس الجمهورية في افتتاح مؤتمر رابطة مجالس الشيوخ في الوطن العربي وإفريقيا/أبريل 2004م

25ابريل 2004م نص كلمة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، في افتتاح المؤتمر الأول لرابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في الوطن العري وإفريقيا.. الإخوة الأشقاء: السادة الأصدقاء رؤساء الوفود: السيدات والسادة، الحاضرون جميعا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، يسعدني أن ابدأ أعمال مؤتمر رابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة له في الوطن العربي وأفريقيا وأرحب بكم أجمل ترحيب في العاصمة التاريخية صنعاء عاصمة الثقافة العربية التي احتضنت قبل فترة في هذه القاعة المؤتمر الإقليمي للديمقراطية وحقوق الإنسان ودور المحكمة الجنائية الدولية. السيدات والسادة إن الديمقراطية هي محور هذه اللقاءات وهي خيار الشعوب والعصر ومطلب لكل أبناء الأمة العربية والإفريقية والعالم الثالث.. لقد أكد إعلان صنعاء على أهمية تعزيز الديمقراطية وتوسيع المشاركة الشعبية واحترام حقوق الإنسان وتعزيز دور المرأة في الحياة السياسية والعامة، ولقد عبرت اجتماعات الدول والأطراف السياسية الرسمية وغير الرسمية ومنظمات المجتمع المدني التي شاركت في مؤتمر صنعاء عن هذه القناعات. الأشقاء والأصدقاء إن الجمهورية اليمنية منذ قيامها في 22 من مايو 1990م كانت المبادرة إلى تحقيق الإصلاحات السياسية والديمقراطية، من خلال التزامها بالنهج الديمقراطي التعددي، وأجريت انتخابات برلمانية لأكثر من دورة وانتخابات رئاسية وانتخابات محلية وانتخابات لمؤسسات المجتمع المدني، ونحن نضع كل هذه التجارب أمام أشقائنا وأصدقائنا للاستفادة منها.. وكما استفدنا نحن من الآخرين فليس عيبا أن يستفيد الشقيق أو الصديق من شقيقه أو صديقه، لكن الإصلاحات المفروضة من الخارج لا يكتب لها النجاح. ولقد تحدثنا في هذا الأمر بأنه ينبغي علينا أن نصلح أنفسنا قبل ان يصلحنا الآخرون، وأن الإصلاحات هي تلبية لحاجة الشعوب ومطلب جماهيري، وليس صحيحا من يقول إن شعوبنا في العالم الثالث، وسواء كانت عربية أو افريقية، لا تريد الديمقراطية ولا حرية صحافة ولا حرية رأي ولا مشاركة المرأة.. أعتقد أن هذه المقولة غير صحيحة وغير مقبولة في عصرنا اليوم. الإخوة والأخوات أيها الأصدقاء إننا نأمل أن يخرج مؤتمركم هذا بنتائج فاعلة وإيجابية تلبي احتياجات شعوبنا، فالعصر عصر الحوار، عصر الديمقراطية والحرية لا عصر الدكتاتورية وحكم الفرد، عصر مشاركة الشعوب في صنع القرار.. هذا هو الذي يضمن سلامة الشعوب ووحدتها وسلامة الأنظمة، ولنأخذ عبرة بما حدث في بعض أقطارنا العربية وللأسف ما حدث في العراق الشقيق لو كان أخذوا بالتعددية السياسية وحرية الرأي واحترام حقوق الإنسان وإتاحة الفرصة للصحافة كان ممكن أن تبطل شيئا من مفعول المؤامرة وليس كل المؤامرة، كان بالإمكان أن تلغى كلمة تحرير الشعب العراقي من نظام الحكم لكن سيبقى هدفا للاحتلال من أجل ما سمي بإزالة أسلحة دمار شامل.. هذا ما كنا نتصوره ان هذا سيحدث الاحتمال وارد والسيطرة على الوضع العراقي، لكن كان في جملة معينة وهو ما رفع من شعار حول تحرير الشعب العراقي من نظام الحكم، نشاهد وللأسف اليوم من ما يعانيه شعب العراق الشقيق من مأساة ومآسي.. لا أمن ولا استقرار ولا حرية ولا ديمقراطية، تلك الشعارات التي رفعت لقوات الاحتلال بأنهم سيجلبون للشعب العراقي الحرية الديمقراطية وأن يعيش في أمن واستقرار. مرت سنة الآن على الاحتلال لا أمن ولا استقرار ولا حرية ولا ديمقراطية، إننا نطالب قوات الاحتلال بسرعة الانسحاب من العراق وإتاحة الفرصة وترك الأمور للشعب العراقي ليختار نظام حكمه، وبما يحافظ على وحدته الوطنية وسلامة أراضيه.. هذا هو الحل الأمثل أن تترك قوات التحالف المحتلة العراق وشأنه الداخلي، حيث ثبت للعالم بأنه لا وجود لما طرح عن وجود أسلحة دمار شامل.. مرت سنة على الاحتلال ولم نر أسلحة الدمار الشامل، فنحن نطالب قوات الاحتلال الانسحاب الفوري من العراق، لا نريد ان نرى الدماء تزهق والأعراض تهتك، نريد نرى عراقاًَ متعافيا سليما، يعود إلى أسرته العربية والى الأسرة الدولية. إن ما ما تعيشه منطقة الشرق الأوسط، وللأسف، من أوضاع متدهورة ومن إرهاب دولة من قبل الكيان الصهيوني الذي يحظى بالدعم والانحياز الكامل من الولايات المتحدة الأمريكية.. هذا الانحياز الكامل وإرهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني لن يحقق لا أمن ولا استقرار في منطقة الشرق الأوسط. إننا نطالب الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى وراعية لعملية السلام ألا تنحاز إلى الكيان الصهيوني وألا تجلب لنفسها كراهية مليار مسلم وشعوب العالم الثالث ضدها، نحن نريد ان تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقات جيدة مع بلداننا في العالم العربي والإسلامي ودول العالم الثالث، لا نريد أن تخلق كراهية بين الشعوب ولا بين الحضارات ولا بين الديانات، نتمنى على أمريكا أن تكيل بمعيار واحد، وخاصة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لأن هناك معايير مزدوجة تنفذ هنا وهناك ولا تنفذ ضد إسرائيل، وتنفذ في بعض الأوقات بصورة باطلة. الحظر الذي حصل على ليبيا والحظر الذي حصل على السودان والحصار الذي فرض على السودان وقرارات الشرعية الدولية تنفذ أولا بأول، لكن لا نرى قرارا واحدا قد نفذ على الكيان الصهيوني على الإطلاق.. أين العدالة أين الحرية إذا كانت أمريكا هي بلد الحرية والديمقراطية وترفض العنصرية وترفض التمييز العنصري.. هذا الذي يحدث في فلسطين هو التمييز العنصري هنا لا وجود للحرية. نحن نخاطب أمريكا عبر كل وسائل الإعلام، ونتكلم في الغرف المغلقة وليس عيبا، وأعتقد ان الأمريكان يرتاحوا لمن يواجههم ويصارحهم، لكن العيب أن الذين يقولون في الغرف المغلقة شيء وفي أماكن أخرى شيء آخر.. فلو حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على صوت موحد، لأخذته بالاعتبار، يعني مليار مسلم ليس لهم أي قيمة.. دماء العرب والمسلمين تسفك ويستنكروا إذا قتل أي واحد أجنبي هذا إرهاب دولة، ما هي أسباب الإرهاب التي أدت إليه؟؟. لابد أن يعقد مؤتمر دولي، لتفسير وتفنيد ماهية الإرهاب وأسبابه ومسبباته.. نحن أدنا الإرهاب، وقد بدأ في بلادي عندما وقعت حادثة يو إس إس كول في عدن ولا سمعنا صوتا يدين هذا الإرهاب، وعندما حدثت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، هب العالم ونحن منهم لإدانة هذا الإرهاب، وتضامنا مع الأسرة الدولية لاستئصال هذا الإرهاب وتضامنا وقلنا نحن كلنا ضد الإرهاب.. لكن لماذا لا يتضامن العالم وتقوم مؤسسات المجتمع والمنظمات الدولية بإدانة ما يحدث اليوم في داخل إسرائيل.. في داخل فلسطين المنازل تدمر والشيوخ يقتلوا والأطفال يذبحوا والأعراض تهتك.. يا منادي لمن تنادي أين العدالة؟؟ نحن نطالب الأمم المتحدة أن تقوم بدورها وأن تحل بقوات دولية محل قوات الاحتلال في العراق وفي فلسطين، وتتحمل مسؤوليتها أمام الأسرة الدولية وأمام شعوب العالم وإلا فلا قيمة للأمم المتحدة.. أي أمم متحدة وقراراتها تنفذ هنا وهناك ولا تنفذ في فلسطين أو في أي مكان آخر؟؟ نحن نقع ضمن الأسرة الدولية ونحن نطالب هذه المؤسسة الدولية أن تتحمل مسؤولياتها بتنفيذ قرار الشرعية الدولية، أرسلت قوات إلى كوسوفو وإلى أماكن التوتر في العالم، فلماذا لا ترسل قوات دولية للفصل بدل الجدار العنصري الذي يقام الآن بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل تحل محله قوات دولية، وتأتي لتنفيذ خارطة الطريق وتأتي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وهو ما سيعني ان هناك مؤسسات دولية وأن هناك عدالة. الإخوة الأشقاء والأصدقاء العصر عصر الديمقراطية، وهي تأتي من داخل الشعوب، الديمقراطية والإصلاحات تأتي من الداخل لا من الخارج، وأتمنى على الأنظمة السياسية أيا كانت تركيباتها، أن تبادر لشعوبها بالإصلاحات السياسية والديمقراطية والاقتصادية ومشاركة الشعوب في صنع القرار. أتمنى لمؤتمركم التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته