نص خطاب فخامة الرئيس بمناسبة عيد الأضحى المبارك

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين المعبود بحق لا إله إلا هو الفرد الصمد..

والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله الرسول الصادق الأمين وخاتم الأنبياء والمرسلين عليهم السلام أجمعين..

الإخوة المواطنون الأعزاء..

الأخوات المواطنات العزيزات..

المؤمنون والمؤمنات في كل أرجاء المعمورة..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

يطيب لي ونحن نستقبل عيد الأضحى المبارك، أن اتوجه إليكم بأطيب التهاني وأجمل التبريكات بهذه المناسبة الدينية العظيمة والغالية على كل مسلم ومسلمة مهنئاً ومباركاً لحجاج بيت الله الحرام بتوفيق الله وعونه لهم على اداء فريضة الحج وإقامة هذا الركن من أركان الاسلام وعلى ما تجشموه من عناء ومشقة في سبيل نيل رضاء الخالق عزوجل وغفرانه، متمنياً لهم حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً والعودة الحميدة بإذن الله إلى أوطانهم، كما اسأل الله أن يعيد هذه المناسبة الدينية العظيمة على الأمة العربية  والإسلامية بالخير واليُمن والبركات وعلى شعبنا وبلادنا وقد انفرجت كل الأزمات التي يعاني منها.. وتحقق لبلادنا كل ما تصبو إليه على دروب النهضة والتنمية والتقدم والرفاهية.

الاخوة المؤمنون..

الأخوات المؤمنات..

إن هذه الفريضة العمرية المهمة والتي هي الركن الخامس من أركان ديننا الإسلامي الحنيف تنقل الانسان المسلم من محيطه الضيق إلى الرحاب الواسعة في محيط الأمة الاسلامية الواحدة لتحقيق الإدراك الملموس والعميق بوحدة الأمة الاسلامية.. وعظمة تكويناتها  المتعددة في قلب الآصرة العقيدية الواحدة والعروة الوثقى التي لا إنفصام لها وحقيقة الترابط بين الوحدانية لله سبحانه وتعالى.. ووحدة الأمة الاسلامية تحت هذه المظلة الايمانية الواسعة.. في أقطارها المتوزعة في جميع قارات العالم على امتداد كوكبنا الصغير..

كما إن الحياة الدينية الصحيحة ليست هي الطقوس الكهنوتية والمتزمته وأعمال المغالاة والتكفير وإنما هي في الوسطية والاعتدال وحسن التعامل وسمو الأخلاق.. وذلك ما بيَّنه النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله: (الدين المعاملة) وقوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فالحياة الدينية هي التي يعيشها الانسان على فطرته الربانية وطبيعته الانسانية في علاقته التعبدية الخالصة لله سبحانه وتعالى وفي معاملاته الأخوية والانسانية مع الآخرين أياً كانوا دون إدعاءات أو وصاية أو تسلط على الآخرين والإملاء عليهم بما لم ينزل من عند الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن الدين الاسلامي الحنيف من الوضوح والبساطة والعقلانية في العقيدة والشريعة وفي الإيمان والقيم والأخلاق والسلوك ما أهَّلَه لأن يحقق الانتشار العظيم في كل قارات العالم.. حتى جاء وقت فشت فيه بين أهله الشعوبية والعنصرية والكراهية والبغضاء نتيجة الصراعات السياسية والخلافات المذهبية وسياسات التعالي والتكفير وإلغاء الآخر.. والتنكر لجوهر الدين وكل ما بَلَّغنا به النبي الصادق الأمين.. في أكمل الرسالات السماوية؛ وهو ما يتطلب اليوم العودة اليه وإلى المنابع الصافية فيه.. والتمسك بالإيمان الصادق الصحيح الذي هو حصانة للإنسان وضمانة لكل المجتمعات وقوة في بناء الأمة الوسطية الواحدة.. قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) البقرة: 143صدق الله العظيم

الإخوة المواطنون الأعزاء..

الأخوات المواطنات العزيزات..

تهل علينا هذه المناسبة الدينية الغالية وبلادنا تعيش ظروفاً استثنائية بالغة الصعوبة وشديدة الخطورة على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بل والمعيشية بشكل عام وذلك بسبب الازمة السياسية الخانقة التي افتعلتها بعض القوى الطامحة إلى كرسي الحكم بطريقة غير شرعية وسبب الأعمال العدائية التي تمارسها تلك القوى وأخذت تتفاقم ضد الدولة والنظام السياسي.. وضد إرادة الشعب اليمني الأبي, وازدادت حدة مع توظيف الأيادي الشريرة تلكم الأعمال الاجرامية التي يقوم بها الخارجون على النظام والقانون والانقلابيون الواهمون الحاقدون.. وعناصر الإرهاب والتطرف من تنظيم القاعدة في مخطط تخريبي وتدميري يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار, وبث الرعب والإرهاب, واضعاف بنيان الدولة وضرب قدرات الحكومة والسلطات المحلية, وتدمير الاقتصاد الوطني تحت شعار التغيير غير مدركين بأن التغيير لا يمكن أن يكون عن طريق الفوضى والتخريب والعنف وبث ثقافة الحقد والكراهية وحبك المؤامرات والدسائس والفتن، فهذه الأساليب المتخلفة قد ولى زمانها وانتهت بانتهاء الأنظمة الشمولية وبزوغ فجر الوحدة التي جاءت لترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة بآليات ديمقراطية متعارف عليها في كل الدول الديمقراطية في العالم عن طريق صناديق الاقتراع، فالوصول إلى السلطة لن يتم بإشاعة الخوف والفوضى وسفك دماء المواطنين الأبرياء والإعتداء عليهم وتشريدهم من منازلهم ونهب ممتلكاتهم، ولأن تلك القوى التي تعمل على الدفع بالوطن والمواطنين إلى مهاوي الفتن والحروب والصراعات التي لا يمكن التكهن بنهاياتها.. لا تمتلك اية رؤية وطنية للارتقاء بالوطن والوصول إلى التغيير المنشود، وانما تمتلك رؤية انتقامية، فقد تسببوا في ايقاف عجلة التنمية في كل ميادينها العامة والخاصة وتوقف الاستثمارات والمقاولات واعمال الشركات والتجارة وتوقف الكثير من المصانع والمزارع التي كانت تستوعب الآلاف من الأيدي العاملة، والتسبب في قطع ارزاق المواطنين وتعكير صفو حياة الأسرة اليمنية الآمنة واشاعة الخوف والرعب.. وقطع الطرق العامة وتفجير انابيب النفط والغاز.. وقطع الكهرباء والماء عن المواطنين.. وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الذين جعلوهم دروعاً بشرية لتسلقهم إلى مآربهم المكشوفة.. وتحقيق الغاية التي يعتقدون أنها سوف تبرر كافة وسائلهم وأعمالهم الإجرامية في الوصول إلى السلطة.. معتمدين في ذلك على التقليد الأعمى لما حدث في بعض الاقطار العربية.. مندفعين بأوهامهم المريضة لصنع حمامات الدم على الأرض اليمنية ورؤيتهم الظلامية التي تقوم على الحقد والكراهية والانتقام ضد الوطن ومكتسباته التنموية والديمقراطية وضد المواطن وخياراته وتمسكه بإرادته وحقوقه في الدفاع عن الحرية والديمقراطية، وحقداً على ما تتمتع به بلادنا من علاقات خارجية متميزة سواء مع الأقطار الشقيقة او الصديقة.. وعداءً سافراً للمكانة المرموقة التي تتبوأها بلادنا بين بلدان العالم.

ومع ذلك فقد تحمل أبناء شعبنا العظيم بصبر وجلد جميع تداعيات ومضاعفات هذه الأزمة وأظهر صموداً نادراً في مواجهتها وأثبت خلال هذه المحنة شجاعة نادرة أكدت معدنه الأصيل في مواجهة المحن والشدائد ولم تزده هذه المحنة إلا إصراراً على التمسك بمبادئه الوطنية وقيمه الحضارية التي عُرف بها منذ القدم، وذلك ما يتجلى في موقفه وسلوكه اليومي رغم عواصف العنف والفوضى والتخريب التي تستهدف أمن واستقرار ووحدة الوطن.

فهذا الشعب العظيم الذي انتصر لثورته ووحدته وقدم قوافل من الشهداء الأبرار في سبيل ترسيخهما وتثبيت دعائمهما لقادر اليوم أكثر من أي وقت مضى على الدفاع بضراوة عن كل المكاسب والمنجزات التي تحققت في مختلف المجالات.

نعم أيها المواطنون الأعزاء..

ايتها الاخوات المواطنات العزيزات..

إن شعبنا العظيم.. الصابر والمكافح وهو يعيش في خضم المحنة القاسية بكل الاعتداد بالنفس.. والثقة بقدرات الوطن.. وامكانياته الذاتية.. فإنه يشعر بكل الامتنان والعرفان بالمواقف الاخوية والانسانية النبيلة التي تتضامن معه وتعمل على مؤازرته للخروج من هذه المحنة والتغلب على صعوباتها الجمة، ويدرك النوايا الحسنة والمخلصة تجاه حل الأزمة القائمة والمساعي المبذولة من أجل إصلاح ذات البين.. والدخول في المعالجات العملية الصائبة لها من خلال الدفع بكل الأطراف  نحو طاولة الحوار واستئناف المناقشات حول كل ما تبقى من المواضيع التي مازالت قيد البحث بالنسبة للآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية بصورة كاملة ومشرفة للجميع ومحققة للمطالب المشروعة التي سبق وأعلنا الالتزام بها والعمل على تلبيتها واتخذنا العديد من الخطوات والقرارات الرئاسية من أجلها حتى لا نفتح اي مجال للذرائع واضاعة الوقت، غير ان ما نشهده اليوم من تمترس بعض القوى السياسية والحزبية ومن يقف وراءها من القوى الانقلابية والظلامية وما نلمس من تصعيدها اليومي وعدم استجابتها وتلبيتها دعوة المجتمع الدولي الذي أكد على ضرورة حل الأزمة اليمنية عبر اتفاق التسوية السياسية على قاعدة المبادرة الخليجية هو أكبر دليل على إصرارها على السير في طريق تعقيد الأزمة ورفضها لكل المبادرات التي طرحت من قبل القوى الخيرة في العالم الحريصة على وحدة وأمن واستقرار الوطن وفي مقدمتها مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي أكدنا ومازلنا على التمسك بها، كما سبق أن أكدنا ترحيبنا والتزامنا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2014)، داعين المعارضة إلى الجلوس على طاولة الحوار لإستكمال ما تبقى من قضايا خلافية بشأن الآلية التنفيذية انطلاقاً من إيماننا الراسخ بأن الحوار هو المخرج الوحيد والوسيلة المثلى لحل الأزمات، وانه لا بديل عن الحوار بين جميع الأطراف في إطار الثوابت الوطنية والدستور بعيداً عن التناحر والاقتتال وبعيداً عن الثقافات الانتقامية والعقليات العدوانية وتجنب كل ما يثير الخلاف والشقاق بين أبناء الشعب اليمني الواحد، فالحوار هو الوسيلة الحضارية التي تتبعها كل الشعوب الحرة لتحقيق الإصلاح والتغيير نحو الأفضل.

وبهده المناسبة نجدد الدعوة لجميع الأطراف إلى نبذ العنف والتطرف؛ لأن العنف لا يولد سوى العنف والصراعات السياسية والحروب التي يكون المواطن ضحيتها ووقودها، وإننا نؤكد عزمنا على مواصلة دعم الجهود البناءة التي يقوم بها الأخ الفريق عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية في ضوء التفويض الممنوح له لاستكمال الحوار مع المعارضة والتوقيع على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية لتحقيق المشاركة السياسية العاجلة والفاعلة بين كافة الأطراف وتحقيق الانتقال الشرعي والديمقراطي والسلمي وفقاً للدستور.. وإجراء الانتخابات العامة الحرة والمباشرة المبكرة لمنصب رئيس الجمهورية.. والأهم هو التخفيف من الآثار السلبية الخطيرة لهذه الأزمة على حياة المواطنين ومعيشتهم وعلى الاقتصاد الوطني..

كما ندعو الدول الشقيقة والصديقة وعلى وجه الخصوص دول الجوار في مجلس التعاون الخليجي الى دعم أمن واستقرار اليمن.. والعمل بكل ما تقدر عليه من أجل رأب الصدع وتضييق الاختلافات بل والحد منها.. التزاماً بالمواقف المبدئية الثابتة التي تجمع الكل في خندق مصيري واحد ولأن أمننا من أمنهم..  وأمنهم من أمننا ونعمة الاستقرار شاملة وليس لها حدود بين دول الجوار.. كما نتطلع الى مد يد العون والمساعدة لشعبنا في الجوانب الاقتصادية والانمائية وقد صارت شديدة الترابط اليوم بالقضايا والمشكلات الأمنية كما هو الحال بالنسبة للمعاناة الاجتماعية وأخطرها على الإطلاق الفقر والبطالة..

الإخوة المواطنون الأعزاء..

الاخوات المواطنات العزيزات..

برغم فداحة النتائج.. ومرارة الآثار التي مازالت تسببها الأزمة المتفاقمة بكل تداعياتها إلا أننا ما زلنا نستطيع وبإرادة جماعية ان نوقف الكارثة الماحقة التي لا يمكن أن تكون في حسبان أحد حتى اولئك الذين يسعرون لهيبها.. ويتوهمون النجاة منها.. والخروج من غمارها سالمين بعد أن عمموا الخراب والموت والاحتراب..

ومع ذلك فالذي أثبت صموده وتماسكه.. وقدرته العظيمة على امتصاص كل الضربات والهزات هو الشعب الأبي المكافح الصابر والصامد.. وهي القوات المسلحة والأمن المؤسسة الوطنية الرائدة بحق والحصن الحصين للحياة اليمنية الحرة الكريمة.. ولكل المكاسب والمنجزات, وقد جسد الشعب وقواته المسلحة والأمن موقفهما المبدئي الذي لا يتزعزع في الحفاظ على الوطن وسلامته ومكاسبه وفي حماية الشرعية الدستورية والصمود في مواجهة كل المخاطر التي صارت تهدد الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وهما القادران على صنع الانتصار المنشود لإرادة الحياة.. والأمن والسلام.

فللشعب وللقوات المسلحة والأمن أصدق مشاعر الاعتزاز والفخر والعرفان وأخلص التهاني القلبية بمناسبة هذا العيد السعيد وفي كل المناسبات التي بفضلهم يعيشها الوطن ويسعد بها مهما كانت الظروف.. وكيفما ساءت الأحوال لأنها أبداً لن تدوم وسوف تؤول الى الزوال بأذن الله تعالى وبصمودهم وجهادهم في كل ميادين البناء والاعمار والدفاع ومواجهة التحديات والأخطار..

الاخوة المواطنون الأعزاء..

الاخوات المواطنات العزيزات..

لقد أمرنا بالاعتصام بحبل الله والانضواء تحت راية الكلمة الطيبة.. والاحتكام إلى العقل والمنطق.. والخضوع إلى الحجج الساطعة وصار بين يدي الشعب اليمني اليوم بيان صادر عن ورثة الأنبياء أوضح بكل الصراحة والجلاء وبالبراهين الشرعية الواضحة السبيل الذي يتعين ان يسلكه الجميع من أجل حل الأزمة القائمة والخروج بها من غوائل الاحتراب والفتنة.. وأن من أوجب الواجبات علينا أن نتقبل بصدور رحبة واستجابة صادقة لكل ما تضمنه ذلكم البيان.. ليكون عوناً لنا في السلطة والمعارضة لاستبصار الحقيقة.. وانتهاج السبيل الذي يحقق الفوز والنجاح والنجاة للجميع بداية من العمل على صيانة الأرواح وحقن الدماء.. والحفاظ على المكاسب والمقدرات.

الاخوة المواطنون الأعزاء..

الاخوات المواطنات العزيزات..

إن شعبنا اليمني الأبي سوف يظل متمسكاً بطموحاته الوطنية وآماله المشروعة وسوف يعمل من أجلها وان حركة البناء ليمن الثاني والعشرين من مايو المجيد والجديد، والمتقدم نحو الزمن الأرشد والأفضل لا يمكن أن تتقهقر او تتوقف الى مالا نهاية.. فالاختبارات المرحلية تصقل القوى الشعبية الفولاذية ولا تكسرها.. وبفضل الشعب اليمني العملاق شعب الثورة والوحدة والحرية والديمقراطية سوف تتواصل انجازات الحياة التي اختارها الشعب لنفسه.. ولصيانة وجوده الحر الكريم في الحاضر والمستقبل.. ولتبقى مكانة اليمن كما ارتقت اليها الهمم العالية والعزائم القوية في قمة موقعها من خارطة العصر الجديد.. وفي ركب التقدم الحضاري المنشود وذلك هو المصير الذي سوف يصنعه اليمنيون كل اليمنيين الذين اتسع لهم الوطن ومحال أن يضيق أو يتنكر لأحد من أبنائه الا من تنكر له وغالى في البغي والارهاب والعدوان وخان وحدته وسيادته واستقلاله وحقد على حريته وديمقراطيته ونظامه الدستوري الراسخ.

لا نريد ان نطيل فالغاية هي التهنئة القلبية الخالصة لكل ابناء شعبنا الأبي المكافح ولكل حجاج بيت الله الحرام سائلين الله سبحانه وتعالى ان يكون حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً ولكل المنتمين للقوات المسلحة والأمن قادة وضباطاً وصف ضباط وجنوداً في كل مواقع البذل والتضحية والبطولة والفداء..

المجد والخلود لكل الشهداء الأبرار الأحياء عند ربهم في جنات النعيم بالقرب من الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً..

وكل عام وأنتم بخير..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،.

 

نص خطاب فخامة الرئيس بمناسبة عيد الاضحى المبارك

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) والصلاة والسلام على أكرم الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين..

الإخوة المؤمنون..

الأخوات المؤمنات..

إنه لمن دواعي الغبطة والسرور أن أتوجه إليكم داخل الوطن وخارجه وإلى كل أبناء أمتنا العربية والإسلامية بأصدق التهاني وأجمل التبريكات بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك أعاده الله على شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية باليُمن والخير والبركات وأن أتوجه إلى جميع ضيوف الرحمن في هذا اليوم الأغر يوم الوقوف في عرفات بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بأن يكون حجهم مبروراً وذنبهم مغفوراً وهو أعظم وأزكى ما يتطلع إليه جميعهم وتلهج من أجله ألسنتهم بالتضرع والتلبية في مشهد إيماني مهيب غني بالمعاني الجليلة والدلالات العميقة في أعظم صور الخضوع لله والإذعان والتسليم بالعبودية له وحده لا شريك له وفي الرحاب المقدسة وبين يديه أكمل المناسك التي تؤكد لكل ذي عقل رشيد بأن المؤمنين الذين توافدوا من كل أنحاء الأرض في موقف إيماني واحد يرددون دعاءً واحداً بقلوب خاشعة في هيئة أمة واحدة مهما تعددت لغاتهم وأجناسهم وأوطانهم لا فضل فيهم لعربي على أعجمي ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح.

ذلك أن ديننا الإسلامي الحنيف هو دين المساواة والإخاء والعدالة والتحرر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وشريعتنا الإسلامية السمحاء إنما جاءت لتحق الحق وتقضي على كل أنواع العصبيات الجاهلية عنصرية كانت أو سلالية أو قبلية أو مناطقية وجاءت لترسخ مبادئ الوحدة والاعتصام بحبل الله والتكافل والتآزر والإخاء والمحبة بين كل المسلمين ولترسم بذلك طريق الفلاح والعزة والمنعة والقوة ولتعلي قيمة الإنسان الذي استخلفه الله في الأرض ليتعبده بصالح الأعمال.

الإخوة المواطنون..الأخوات المواطنات..

لا شك أن ذلكم المشهد التعبدي العظيم والحشد الإنساني المنقطع النظير في رحاب عرفات الله يصور قيمة التلاحم العقيدي الذي يربط بين كل أبناء الأمة الواحدة في بوتقة الإخاء والمحبة وبجامع الإيمان الواحد لأمة التسامح والوسطية والاعتدال ورفض الغلو والتطرف والإرهاب والتي تعتبر من الظواهر الشاذة والخطيرة في حياة أمة الإسلام بل هي آفة نكراء موجهة ضد المسلمين كافة والعقيدة الإسلامية خاصة.

ولقد عانى اليمن كثيراً نتيجة هذا الداء الوبيل داء الغلو والتطرف والإرهاب الذي ألحق أضراراً كبيرة بسمعته واقتصاده وجهوده التنموية, وقد بذلت بلادنا الكثير من الجهود لمحاربة هذه الآفة كونها تقف حجر عثرة في طريق تحقيق الازدهار الاقتصادي والتنموي المنشود وفي طريق انتعاش السياحة ونمو الاستثمارات والتي من خلالها يمكن إيجاد فرص العمل للحد من البطالة وتحسين أحوال المواطنين المعيشية.

 إننا نتذكر ذلك في هذه المناسبة لنقول لأولئك المارقين الذين ظلّ سعيهم وانحرف بهم المسار اتقوا الله في أنفسكم وفي دماء إخوانكم المسلمين وفي وطنكم فتخريب الوطن والإضرار بمصالحه وإضعاف اقتصاده وقتل الأبرياء سواء من المسلمين أو غيرهم ليس من الدين في شيء بل هو فساد في الأرض يثير غضب الخالق عز وجل ويستدعي منكم التوبة والعودة إلى الرشد وإلى المنابع الصافية لديننا الإسلامي الحنيف كما تدلنا إليها أركان الدين وتعاليمه السامية، القائمة على مكارم الأخلاق وعلى قيم الإخاء والمحبة والتسامح والوسطية والاعتدال والسلام.

ونؤكد هنا مجدداً بأن بلادنا ستواصل جهودها الدؤوبة دون كلل في مكافحة الإرهاب واستئصاله وتعزيز شراكتها وتعاونها الفاعلة مع المجتمع الدولي في سبيل ذلك وبعيداً عن أي تدخل في شؤونها.

ولقد برهنت أجهزتنا الأمنية ومنها القوات الخاصة بمكافحة الإرهاب قدرتها على الاضطلاع بمهامها وأداء واجباتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.. وحققت نجاحات ملموسة في هذا الجانب سواء من خلال توجيه الضربات الاستباقية للعناصر الإرهابية في تنظيم القاعدة أو في ضبطها وملاحقة كل العناصر التخريبية والخارجة على النظام والقانون وتقديمها للعدالة.

فلا تهاون أبداً مع كل من يفكر بالمساس بأمن الوطن واستقراره وسكينته العامة أو الخروج على النظام والقانون.. فاليمن في حرب شعواء مع كل عناصر الإرهاب وقدم في هذه الحرب وما يزال تضحيات غالية من أرواح المواطنين والجنود والضباط الذين استشهدوا وهم يؤدون واجبهم للحفاظ على الأمن والسكينة العامة.

ونشعر بالأسف لاتخاذ بعض الدول الصديقة لقرار غير صائب بفرض الحظر على الشحن الجوي القادم من اليمن إليها.. والذي يضر بجهود مكافحة الإرهاب وندعو تلك الدول لإعادة النظر في ذلك القرار الجائر فالشعب اليمني الذي ساند جهود حكومته لاستئصال الإرهاب يجد في مثل ذلكم القرار عقاباً جماعياً ومكافأة للإرهابيين الذين ظلوا يحلمون للوصول إلى مثل هذه النتيجة المؤسفة.. ونؤكد مجدداً وبكل قوة ووضوح بأن الإرهاب لم ولن يكن في أي يوم من الأيام صناعة يمنية بل أن اليمن كان ضحية للإرهاب الذي يمثل آفة دولية تهدد أمن وسلامة الجميع, وينبغي أن تتضافر جهود الجميع في العالم لمواجهتها وتجفيف منابعها في كل مكان على الأرض دون استثناء وبكل الوسائل والسبل .

وإنها لمناسبة نجدد فيها الدعوة لأصحاب الفضيلة العلماء والمرشدين والمؤسسات الإعلامية والثقافية إلى القيام بدورهم الإيجابي في التوعية والتوجيه والإرشاد وتبصير المغرر بهم من الذين انزلقوا في متاهات الجهل والتطرف والضلالة لإقناعهم بالعودة إلى جادة الحق والصواب وتوعية الشباب والمجتمع عموماً وتعريفهم بجوهر الدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه السمحاء التي تدعو إلى التسامح والاعتدال والإخاء والسلام ونبذ التطرف والغلو والتشدد والتعصب وتحصين النفوس بالقيم والمُثل والأخلاق الحميدة وبروح الوئام والمحبة من أجل عمارة الأرض وصيانة الحياة.

 يا أبناء شعبنا الكريم..

إننا وكما أكدنا مراراً سنظلُ ملتزمين بالنهج الديمقراطي التعددي الذي اختاره شعبنا عن قناعة وإيمان ولا يمكن أن نتراجع أو نحيد عنه مهما كانت تجاوزات البعض على الديمقراطية أو عدم فهمه لحقيقة ممارستها بمسؤولية.. وإن شعبنا يعتز ويفتخر بأن لديه اليوم تجربة ديمقراطية راسخة يتابعها العالم بتقدير وإعجاب ولذلك سوف نستمر في طريق التطوير المستمر لهذه التجربة اليمنية المنتصرة لإرادة الشعب والمحتكمة إلى الدستور والقانون حريصين أشد ما يكون الحرص على الوفاء بالاستحقاقات الديمقراطية كما ينص عليها الدستور وينظمها القانون وإجرائها في مواعيدها باعتبارها حقاً للشعب وهي واحدة من أدواته الشرعية في حكم نفسه بنفسه عبر صناديق الاقتراع.

ومن أجل ذلك جاء تأكيدنا قبل أيام على ضرورة استكمال كافة التحضيرات الخاصة بالانتخابات النيابية القادمة لتتم في موعدها المحدد في مناخات حرة ونزيهة وشفافة باعتبار ذلك وفاء للشعب وتحصين لكل مكاسب الثورة والوحدة ومنجزات الحياة الديمقراطية اليمنية, ونجدد دعوتنا لكافة القوى السياسية إلى المشاركة الفاعلة في خوض هذا الإستحقاق من خلال إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والمشاركة في اللجان الإنتخابية الإشرافية والأساسية وبمايخدم المصلحة الوطنية بإعتبار الإنتخابات أمر يهم الجميع ويعزز من المسيرة الديمقراطية, مع تأكيدنا في ذات الوقت وحرصنا على ضرورة مواصلة الجهود المبذولة لمباشرة الحوار لمناقشة كافة القضايا التي تهم الوطن ومستقبله بروح وطنية مسؤولة وفي إطار احترام الدستور والقانون والالتزام بشرعية المؤسسات الدستورية وعدم تجاوزها والحرص على عدم الإضرار بالعملية الديمقراطية وسلامة الوطن واستقراره.

ذلك أن إيماننا بالحوار لا يمكن أن يتزعزع لأنه مرتبط بإدراكنا للحكمة الكامنة فيه كأسلوب يعتمد على الاحتكام للعقل والمنطق والحجج الناصعة التي يمليها التفكير السليم والاستعداد للقبول بالرأي الراجح والفكرة الصائبة التي تخدم المصلحة الوطنية العليا .

 لهذا ندعو مجددا إلى تضافر كل الجهود الوطنية من أجل المضي قدماً في انجاح الحوار الوطني الذي دعونا إليه والوصول به إلى غاياته الوطنية المنشودة في حماية المصلحة العامة.. وصيانة المكتسبات القائمة.. والخروج منه بمعالجات واضحة لكافة القضايا والموضوعات التي تهم الوطن وفي إطار الالتزام بالدستور والثوابت الوطنية والحفاظ على المؤسسات الدستورية.

الإخوة الأعزاء.. الأخوات العزيزات..

تستعد بلادنا وفي هذه الأيام لاحتضان حدث رياضي كبير وهو بطولة خليجي (20) بعد أن تهيأت لذلك والحمد لله كل المتطلبات على مختلف الأصعدة الإنشائية والرياضية والإيوائية ومشاريع البنية التحتية والجوانب التنظيمية والأمنية وغيرها لتجعل من هذا الحدث فرصة لتعزيز الأواصر الأخوية المتينة والحميمة التي تربط شعبنا الودود والكريم مع أشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي والعراق والذين سيكونون ضيوفاً أعزاء في وطنهم وبين أهلهم يحظون بكل الرعاية والاحتفاء وينعمون بالأمن والأمان وبما يليق بهم ومكانتهم في قلوب أشقائهم في اليمن, ويعكس الروح الحضارية الأصيلة لأبناء شعبنا اليمني الكريم المضياف.. مؤكدين على أهمية تضافر الجهود ومن مختلف الفعاليات الوطنية الرسمية والشعبية الرياضية والشبابية والثقافية والإعلامية والسلطات المحلية على جعل هذه المناسبة حدثاً رياضياً ناجحاً وحافلاً بالإبداع والتميز بإذن الله.

يا أبطال قواتنا المسلحة والأمن..

إننا ونحن نعيش مباهج هذه المناسبة الدينية الجليلة مناسبة عيد التضحية والفداء نتذكر بمزيد من الاعتزاز والوفاء والعرفان تلك التضحيات الغالية والعطاءات السخية التي قدمتها قواتنا المسلحة والأمن وأبطالها الأشاوس المرابطين في مواقع الشرف والفداء في السهول والجبال والصحاري والجزر وفي المياه الإقليمية والذين يؤدون واجباتهم بكل أمانة وتفان وإخلاص ونكران ذات، كطليعة وطنية رائدة وقوة ضاربة تذود عن الوطن وتحمي أمنه وسيادته ووحدته وإنجازاته وتسهم في مسيرة بنائه ونهضته فلهم منا جنوداً وصف وضباط وقادة أجمل التهاني والتبريكات وأصدق عبارات الشكر والتقدير والامتنان, مؤكدين بأنهم سيظلون محل الفخر والاعتزاز من كل أبناء شعبهم ومحل التقدير والاهتمام والرعاية من قيادتهم وفاء لما قدموه من أجل الوطن والشعب وفي سبيل الواجب.

 ختاماً أكرر التهنئة للجميع بهذا العيد السعيد وبمناسبة العيد الـ43 ليوم الثلاثين من نوفمبر ذكرى الاستقلال المجيد الذي نحتفل به خلال الأيام القليلة القادمة, سائلاً المولى عز وجل الرحمة والغفران لشهدائنا الأبرار وأن يوفقنا إلى ما فيه الخير والسداد وخدمة وطننا الغالي وأمتنا  المجيدة..

وكل عام وأنتم بخير،،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،